الثلاثاء، 21 سبتمبر 2010

دعها حرّة طليقة .. تبهجهم وتبهجك..





يخرج من مكتب رئيسه المباشر في العمل بعد أن تعالى صوت الرئيس في جميع ممرات المكاتب والتي خرج منها بعض الموظفين بدافع الفضول لمعرفة حقيقة هذا اللغط والصخب  ، كان صاحبنا في غاية الحرج بعد أن دخل في جدال مع رئيسه ليتعقد من بعدها حاجبيه وتكفهر أسارير محياه  حزناً على ماجرى .. يتجه لمكتبه ويجلس ساكناً بلا حراك .. يفكر فيما جرى بينه وبين رئيسه المباشر .. لقد تصرف بإجتهاد في أمر ما.. إلا أن النتيجة أتت عكس ماتوقع بحيث جعلت رئيسه يعامله معاملة المذنب .. يقرر أن يأخذ بضع دقائق من الراحة لارتشاف فنجان قهوة .. يتجه للمقهى .. فيبادره عامل المقهى بابتسامة . ادخلت البهجة في نفسه وشرحت ماتضامّ من جبينه وفكّت عقدة حاجبيه ..




----------------------



هو في سيارته الآن .. ينتظر أن تتحول الإشارة إلى اللون الأخضر .. وبعد فترة الوقت أومض اللون الأخضر ..



 فتنطلق السيارات .. غير سيارة واحدة لم تراوح مكانها من أمامه .. يعتريه الغضب والانفعال ثم يتجاوز هذه السيارة التي عطّلت سيره والتي انشغل قائدها بالضحك والحديث في هاتفه المحمول .. يتجاوزه صاحبنا والغضب قد أخذ منه مأخذه وينطلق بالسيارة مسرعاً وهو يكيل عبارات السباب والشتائم ..

 وما إن يقف عند إشارة مرورية أخرى .. إلا ويلحظ ضحكات بعض الأطفال في المقعد الخلفي في إحدى السيارات التي تقف بمحاذاة سيارته عند إشارة المرور ثم يلحظ ابتسامة عفوية من والدهم الذي التفت اليهم .. فيطمئن قلبه وتتسلل الابتسامة إلى محياه دون أن يشعر ..



يكون جالساً في فناء المنزل ، فيدب خلاف بين أبناءه كل منهم يريد مشاهدة قناته المفضلة .. ويجاهد مليّاً أن يعيد الهدوء إلى المنزل..






 يخرج من المنزل ويتجه إلى سيارته للذهاب إلى أحد الأماكن القريبة من المنزل .. ما إن يقترب من سيارته إلا ويبادره ذلك العامل الذي يقوم بقطع الأشجار في الشارع الذي يقع عليه منزله بابتسامة



 فتنفرج أساريره ويسكن شيء من الانشراح إلى قلبه ..



يصطف صاحبنا خلف صف طويل عند أحد المطاعم .. يعتريه الضيق والضجر .. كان أول الواقفين في الصف قد استغرق طلبه وقتا طويلاً ..



وبعد مضي فترة من الوقت كان صاحبناً قد وصل به الضجر إلى منتهاه .. وصله الدور أخيراً إلى المحاسب وشاهد المحاسب تعابير وجهه ابتسم في وجهه قائلاً

 .. تفضل ماهو طلبك .. لقد أثّرت تلك الابتسامة في صاحبنا وفعلت فعلها في نفسه فتبخر كل ذلك الغضب والعنّاء الذي اختلجه فؤاده طيلة وقوفه في طابور المطعم ..






يتجه صاحبنا إلى أحد المصارف.. فيقفل حارس الأمن الباب في وجهه ومن خلف الزجاج يشير بيديه لصاحبنا ثم إلى ساعته أن الدوام قد انتهى .. يتملك صاحبنا الغضب ويجادل حارس الأمن أن يفتح له الباب ولو قليلاً ..



 فيعرض عنه حارس الأمن .. ليتركه خليّاً .. تتغير تعابير صاحبنا ويتملك الغضب قلبه ثم يتجه لسيارته محبطاً .. يشاهد شخصين قد أوقفا سيارتيهما من خلفه يتبادلان القبلات والتحايا فيما بينهما .. يتأمل صاحبنا تعابير وجهيهما وتقع عينا أحدهما على صاحبنا وهو في وضع الابتسام .. فتخف وطأة الغضب ويسكن شيء من الانشراح في قلب صاحبنا .. فيخلد في مقعده منتظراً إياهما أن يتحركا بسيارتيهما من خلفه وهو راضٍ تمام الرضَا .. لقد كان ذلك بفعل الابتسامة !


إن للابتسامة سحراً .. ودواءاً للأنفس المتعبه بصروف الحياة اليومية .. وهي في ديننا العظيم .. صدقة .. لاتكلفنا شيئاً .. فهلّا تصدقنا على من حولنا .. وبثثنا البهجة في نفوس من حولنا .. وقلوبنا قبل ذلك ؟!



وحسبنا  قول المصطفى الأمين نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم مخاطباً كل واحد منا: (وتبسمك في وجه أخيك صدقة ) ..
 
----------------------
 ------------------------------


من موقع نصرة رسول الله( صلى الله عليه وسلم ) :
http://www.rasoulallah.net/v2/document.aspx?lang=ar&doc=8637 
عن أبي ذر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة أخرجه البخاري في الأدب المفرد والترمذي وابن حبان.



أخرجه البخاري في الأدب المفرد، الأدب المفرد كتاب للإمام البخاري يختلف عن الصحيح، فإذا أطلق البخاري رواه البخاري فينصرف إلى ماذا؟ إلى الصحيح، وإذا أرادوا غيره قيدوه، كرواه البخاري في الأدب المفرد، رواه البخاري في التاريخ الكبير، التاريخ الصغير، التاريخ الأوسط، في جزء القراءة خلف الإمام، وهلم جرا.

قد ذكر ابن حجر فروقا ثلاثة، أو خصائص ثلاث للأدب المفرد، أن فيه أحاديث كثيرة ليست في الصحيح، وذكر أيضا قلة معلقاته فيه، ولا أذكر الأمر الثالث، شاهد القول: في الحديث كثرة أبواب الخير، كثرة أبواب الخير، التبسم صدقة، وتهدي الرجل الكفيف إلى مقصده صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة، وتأمر بالمعروف صدقة، وتفرغ من دلوك في دلو أخيك صدقة، الشاهد كثرة أبواب الخير، وفي الحديث أيضا أن النية تجعل العادة عبادة، فأنت إذا أزلت هذا الأذى بقصد التقرب والحصول على الأجر فأنت مأجور.

وفي الحديث أيضا عظيم عناية الإسلام بتحقيق مبدأ التعاون والتكاتف، كل هذه الخصال فيها ذلك، التبسم يجمع الشمل، التعاون في إفراغك من دلوك في دلو أخيك يجمع الشمل، إماطة الأذى تجمع الشمل، دليل على المحبة والتكاتف، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجمع الشمل، ففي ذلك عظيم عناية الإسلام بمبدأ الترابط والتعاون، ودعاة الخير أولى الناس بإبراز هذا المبدأ، وفي الحديث أيضا عدم احتقار الخير ولو كان يسيرا: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: لا تحقرن من المعروف شيئا "شيئا" نكرة تشمل أي شيء، لا تحقر أي شيء من المعروف، رب كلمة تفتح لك أبوابا من الخير، رب عمل يسير كما قال ابن المبارك: رب عمل يسير تكبره النية.

لا تحقر شيئا من المعروف. أوصى الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- أحد أبنائه فقال: ما قدرت عليه من الخير فاعمله، فربما لا تدركه في الغد، ولا ترجئ عمل اليوم إلى غد، لعل غدا يأتي وأنت فقيد. فرُبّ كلمة من الخير تشجع بها طالب علم، صدقة تدفعها في فم مسكين، تبسم في وجه مغموم، أمر بالمعروف لمن تلوث في معصية، هدايتك للرجل الكفيف، تحصل أو تحظى بدعوة، كل هذا خير، وأضرب لكم مثالا واحدا أو مثالين: الإمام الذهبي -رحمه الله تعالى- كان في أول أمره كما قرأت قصر همته على التاريخ، فكتب أو أطلع أحد أشياخه على ورقة، على بحث له أو على كتابة له، فشيخ الذهبي أخذ الكتاب ينظر فيه، وكان بجانبه الإمام البرزالي، فلما رأى خط الذهبي قال له: يا بني، خطك هذا يشبه خط المحدثين، شجعه، قال الذهبي: فحبب الله إليّ علم الحديث، حتى قال السبكي: لو قام الذهبي على ثنية -على جبل صغير- وأُتي بالرواة من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، إلى عهده، لقال: هذا فلان ابن فلان روى عن فلان عن فلان.
والبخاري، مر إسحاق وهم في مجلس مذاكرة، مجلس التحديث كان مجلسا، والمذاكرة مجلس يتذاكر فيه عشرة من الطلاب سويا وخمسة سويا، بعد ما يتفرقون من الدرس يجتمع كل ثلة مع بعضهم، فمر إسحاق على ثلة فيها البخاري مع بعض الشبيبة، فقال: لو أن أحدكم صنف مصنفا يجمع فيه ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال البخاري، فوقع ذلك في نفسي وحبب الله إلي ذلك: فلا تحقرن من المعروف شيئا قوله: تبسمك في وجه أخيك لك صدقة أولى الناس دعاة الخير؛ لأن تبسمهم دعوة فعلية:



بشاشة وجه المرء خير من القرى

فكيف الـذي يأتي به وهو ضاحك



لو دعاك إنسان إلى طعام، ووجهه باش هاش، لفرحت زيادة على فرحك بإكرامه لك، أما لو كان معبسا مكفهرا، لم يطب لك طعم الطعام.
أيضا نصح الناس بالرفق، الترفق مع الناس، التبسم في المواضع التي ترى فيها مصلحة، لا تبخل على الناس، قال جرير رضي الله تعالى عنه: ما حجبني النبي -عليه السلام- منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي أيضا يقال على دعاة الخير أن يحفظوا مروءتهم أن تخرم من الضحك بلا قيد من غلبة جانب التمسخر، بعض دعاة الخير لا تسمعه إلا ضاحكا أو متمسخرا، في مجالسه، في كلماته، في جميع شأنه، هذا خروج عن المألوف بل ينشِّئ السامعين والرائين إلى النهج أو نهج هذا المسلك، فليحذر طالب العلم، أن يسن سنة سيئة.
وحفظ المروءة، كما قيل: المروءة والحياء يبعثان على فعل الجميل وترك القبيح. فإياك أن تكون متمسخرا مضحاكا بزعم أن ذلك من ترغيب الناس، لا، الأمر بقدر، النبي -عليه السلام- أرحم الناس بالناس، وأعلم الناس بأحوال الناس، وأحكم الناس وأفقه الناس، عليه الصلاة والسلام، وكان يتبسم أحيانا في مواضع فيها مصلحة، ويغضب ويجد ويحزن، بحسب الحال.
أيضا في قوله: وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة فيه كمال دين الإسلام وعنايته بشئون الدنيا والدين، عنايته بشئون الدنيا والدين جميعا، وفيه أن على دعاة الخير أن يكونون قدوة في جميع شئونهم، ترى بعض دعاة الخير يقوم بأفعال يستقبحها الناس، كرمي الأذى في الطريق، رمي الأوراق أمام الناس، أو يفعل ما يستقبح، هو يظن أن هذا شيء لا قيمة له، أمر يسير، لكن الناس إذا رأوا ذلك منه انتقصوه، وترتب عليه ذلك نقده في المجالس، وقد يصل الأمر به إلى الغيبة كما يحصل، لكن إذا كان داعي الخير محافظا على مروءته وأخلاقه أثر في الناس بقوله وفعله.

هناك 8 تعليقات :

  1. شكراااااا لك .....مقالتك اكثر من رائعه

    ردحذف
  2. اشكر لك مرورك الأروع
    تقبل فائق تحياتي

    ردحذف
  3. مدونتك رائعة .. اعدك بالزيارة الدائمة انشاء الله .. كل التوفيق

    ردحذف
  4. أخي العزيز for allah
    شرفني مروركم العاطر وسعدت بوجودكم المبارك
    دعواتي لكم بالسعادة والتوفيق وأنت تكون مصدر ابتسام وبهجة من حولكم


    دمتم بحفظ الله ورعايته

    ردحذف
  5. شكرا على المدونه الجميلة و بالتوفيق دائما

    ردحذف
  6. الأجمل مرورك الكريم شاكر لك وجودك العطر
    تحياتي

    ردحذف
  7. يقول مشكور مرة وبالنجاح إنشاء الله

    ردحذف
  8. اشكركم اخي الكريم على وجودكم المبارك واسعدني تعليقكم
    دمتم بحفظ الله ورعايته وكل عام وأنتم بخير

    ردحذف