الأحد، 3 أكتوبر 2010

بقــيــة من أثـــرٍ ..

بسم الله الرحمن الرحيم





أطفالنا .. فلذات أكبادنا .. نفرح لفرحهم .. ونحزن لحزنهم .. ونشقى من أجلهم .. زهرة حياتنا الدنيا .. حينما أتأمل حياة أطفالي أجدني مقصراً تجاههم في كثيرٍ من الأحيان .. تصرفني كغيري من الناس مشاغل حياتنا اليومية عنهم .. فنراهم في أحايين كثيرةٍ يلهون خليين مع أنفسهم وكأنهم خلقوا ليعيشوا فُرادى في هذه الحياة خلوة مع ضحكاتهم تارة ، وتارة أخرى بين تنهداتهم ..



يطيب لي التوجه للمنطقة الشرقية بين حين وآخر .. لأهب أبنائي إجازة من مشاغلي عنهم قبل أن أهب نفسي إجازة منها ..
ذات مرة .. توجهت مع طفلي إلى أحد الشواطيء الجميلة والتي تعرف بشاطيء العزيزية .. وددت أن يخلو الجو لكلينا .. كان الذهاب إلى الشاطيء صباحاً حوالي الساعة العاشرة صباحاً ..وفي وقت أعمال الناس ودراسة الدارسين .. وبالرغم من خلو المنطقة من مرتاديها .. إلا أنني استحسنت أن أقضي مع إبني فترة من الترفيه ..


توجهنا تلقاء أحد الشواطيء حيث تتوفر العديد من الدراجات النارية التي تؤجر لمدة زمنية معينة لفترة محددة .. حيث كانت هذا النشاط الترويحي من أبرز المناشط الترفيهية التي يقصدها الكثير من زوار الشواطيء .. إلى جانب الاستمتاع بالجلوس على ضفاف الماء ..




وصلنا إلى أحد مراكز تأجير الدراجات النارية وقام ابني باختيار دراجة حمراء .. حيث قررنا تمضية نصف ساعة على متنها ، نجول بين هذا الشاطيء وذاك .. وبين هذه المساحة وتلك ..


انطلقنا بالدراجة النارية وسط ضحكات طفلي الذي لمحت في براءة ضحكته طائراً سجيناً في قفص ذهبي .. لمح باب قفصه مشرعاً فغدا مسرعاً موليّاً خارج قفصه في بهجة وحبور ..


تجولنا لفترة على ضفاف الساحل ..


وتارة نجول بين المساحات المنبسطة والمتعرجة ، والمرتفعات والمنحدرات تارة أخرى ..




حتى شعرنا برتابة التجوال في مكان محدد ..


















فقررنا التوجه خارج المساحة التي كنا لم نراوحها .. لنلمح فتحة صغيرة تؤدي إلى الطريق الرئيسي السريع 





 فقررنا الخروج منها .. واستمرينا بالسير مابين البحر والطريق السريع ..






لنلمح من بعدها فتحة في منتصف الطريق السريع ..





توجهنا عبرها ثم استأنفنا طريقنا رجوعاً .. وبعد فترة من قيادة الدراجة النارية لمحنا شاطئاً آخر يقع قبالة شاطئنا الأول والذي لايفصل بينهما سوى هذا الطريق السريع ..






 فتوجهنا من خلال فتحة صغيرة وانطلقنا مسرعين تلقاء شاطيء البحر ..










حانت مني التفاتة تلقاء الطريق السريع ، فلحظت أننا قد ابتعدنا كثيراً عن شاطئنا الأول الذي يقع خلف الطريق السريع من الجهة الأخرى .. وبعد التجوال لبعض الوقت على مقربة من ساحل الماء ، وترك الدفة بيدي صغيرة تارة ، ومقبض الوقود تارة أخرى إذا بالدراجة النارية تتوقف عن العمل .. حاولت مراراً تشغيلها وسط حرارة الشمس واشتداد الرطوبة صبيحة ذلك اليوم إلا وبائت محاولاتي بالفشل ..


يا الله .. ما أبعد منطقة التأجير التي استقلينا منها دراجتنا النارية ..



 والتي تقع خلف ذاك الطريق السريع الماثل في الصورة من الجهة الأخرى ..
ثم تنبهت لأنّات طفلي من حرارة الشمس التي الهبت قدمية بعد نزوله من الدراجة النارية .. حيث تفاجأت بأنه قد خلع نعليه عند ركوبنا الدراجة النارية وقتئذٍ ..







قمت بدفع الدراجة النارية وطفلي الصغير على متنها ، وبعد أن نال من العناء مناله .. أوقفنا الدراجة النارية بالقرب من بعض الشجيرات التي تحاذي الطريق السريع ..




هنا تركنا الدراجة بعد أن بلغ من العناء مبلغه لنقطع الشارع من بعدها وننادي الشخص المسؤول عنها ..






 ثم قمت بحمل طفلي على أكتافي .. وتوجهنا صوب الطريق السريع .. وبعد اجتيازه ..لمحت من بعد ذلك المكان الذي قمنا باستئجار دراجتنا النارية منه ، كانت المسافة بعيدة بالفعل ولا أبالغ إذا قت أنه كان يتعين علينا السير تحت الشمس وأنا أحمل طفلي على كتفي لمسافة لاتقل عن كيلو متر واحد ..وبعد السير قليلاً وإنتصافنا في المسافة .. إذا بي أجد ذلك الشخص الذي قام بتأجيرنا الدراجة النارية مقبلاً تلونا .. ثم أخبرته بأن الدراجة النارية قد دفعتها حتى أوقفتها خلف أحد الشجيرات وأتيت لنعيدها سوياً بعد أن تعطلت ..فأجابني بابتسامة خجولة " كنت متوقعاً هذا الشيء ! " ، ليواصل من بعدها مسيره نحو الشاطيء ذاك حيث حددت له مكان دراجتنا النارية المتعطلة .. وماهي الا لحظات الا وهو خلفنا ممتطياً دراجته النارية ويسحب إلى جواره دراجتنا النارية وهي تعمل ! ، فسألته : لمه لم تخبرنا عن طريقة تشغيلها .. فأجابني : لم تقل لي أنك ستبتعد عن هذا المكان ! .. ثم طفق يسبقنا  إلى مكانه .. ووصلنا إلى سيارتنا بعد جهد جهيد .. لأقوم من بعدها بإنزال طفلي من على عاتقي وإركابه في السيارة .. ثم طفقنا خارج المساحة تلك ، لنستهل الطريق السريع قافلين إلى حيث نقطن .. التفت إلى ابني ومُحيّاه قد تحول إلى اللون الأحمر بفعل الحر والرطوبة ..ثم التفت إليه لأسأله .. أي بُنيّ ! أكانت جولتنا متعبة ؟! .. ليلتفت إلى بابتسامة عريضة قائلاً " لا حلوووة مررره ! " !
قد يكون هناك شيء من المتعة بالنسبة لي ولكن العناء الذي صحب هذه الرحلة قد انسانيه .. لكن قلب هذا الطفل الصغير ..وجد أن ساعة العناء تخبو أمام لحظة البهجة والسرور .. قد تدوم هذه الذكرى في خلد ووجدان الطفل .. وقد تكون لحضاتنا التي نقضيها مع أبنائنا وزاد بهجتنا في هذا العالم باقية في نفوسهم بعد رحيلنا عن هذه الحياة ، بعد أن نترك لهم ميراثاً معنوياً آخر .. و " بقيةُ من أثرٍ "   تصلنا عبره دعواتهم إلينا حينما نخلفهم فوق الأرض وننتظر منهم بث البهجة في أرواحنا تحت الأرض .. يوم أن كنا نبث لهم البهجة في أرواحهم فوق الأرض ! 

هناك 3 تعليقات :