الأربعاء، 27 فبراير 2013

أيــام .. في بريغـنز Bregenz - الجزء 1/6

بسم الله الرحمن الرحيم

اليك يا بريغنز حيث تركت على ثراك قصاصة تحمل شيئاً من عمري وخفق فؤادي ولحن ودادي ..
.. فارقتك وأنا أسائل نفسي .. ترى أيعود الحب الذي شاب .. والصب وقد تاب .. وأيام الشباب ..
وبعد عزيزي القاريء .. فمعذرة إن كنت قد جاوزت في مقالي هذا إفصاح مكنون ذاتي .. وترجمة هدير إنفعالاتي .. وما مرد ذلك إلا لكوني ممن قال الشاعر فيهم
خُلِقت ألوفاً لو رجعت إلى الصبا **** لفارقت شيبي موجع القلب باكياً
وإن من شكر المولى جل وعلا أن نحدث بنعمه وأن نصف جميل صنعه .. ودقة خلقه فيما أبدعه سبحانه من طبيعة خلابه تأخذ بمجامع القلوب .. لقد أنعم الله علي بأن يسر لي أن أزور بعض جنانه في أرضه في مناطق شتى فرأيت أن من حق القاريء علي أن أنقله إلى الزمان والمكان ذاته ، وإن هو لم يغادر مكانه و لِداته ، وذاك هو ديدننا دائماً .. حيث الفائدة ممزوجة بالمتعه ( to teach and delight )

أترككم مع تقريري هذا آملاً أن يروق لكم ..
 
المقدمة
تقع مدينة بريقنز Bregenz في أقصى غرب النمسا على الساحل الجنوبي الشرقي لبحيرة Constance كونستانز والتي تسمى ايضاً ببحيرة بودنزي Bodensee 




وهي عاصمة اقليم فورارل بيرغ Vorarlberg حيث يقع مقر الحكم . يبلغ عدد سكان Bregenz بريقنز 27000 نسمة ( wikipedia ) ، وتتميـز المدينـة بموقعها الفريـــد اذ انهـا علـى ملتـقى 4 دول : المــانيـا وسـويسرا وليخشتنشتاين إضافة إلى كونها من المدن النمساوية المهمة . وينطق اهل المدينة الأحرف الثلاثة الأولى من اسم بريقنز كنطق الأحرف الأربعة الأولى من كلمة brain ( ( مثال ) : ( BRAI-GENZ ) )
يرجع عمر هذه المدينة الى الفي عام حيث استوطنها الرومان حتى العصور الوسطى . وتعتبر بحيرة كونستانز ثاني اكبر بحيرة في اوروبا الوسطى وتنشط في هذه المدينة الصغيرة الالعاب الرياضية ، ومن المعالم المميزة لهذه المدينة جبل بفاندر Pfander والذي يرتفع الى 1064 متراً تصعد اليه بالتلفريك مما يعطيك نظرة شاملة لمدينة Bregenz والدول الثلاث الأخرى المجاورة ، والى جانب كون هذه المدينة تتمتع ببعض المقومات كتوفر بعضاً من الأسواق والترفيه ، ووجود قلعتها التاريخية . وهناك مهرجانها الشهير ومنصتها العائمة التي تحتضن أعمال الأوبرا السنوية والتي تعتبر معلماً عالمياً مشهوراً
معلومات عن المسافات لبعض المناطق المجاورة :
ساعة ونصف بالقطار المباشر من زيوريخ
ساعتين ونصف بالقطار من انسبروك ( يوجد مباشر )
ساعتين ونصف بالقطار من ميونيخ ( يوجد مباشر )
8 كلم فقط من بلدة لينداو Lindau الألمانية

بحيرة كونستانس Constance - أو Bodensee

هي بحيرة عملاقة تتمدد على مساحة 3 دول : المانيا إلى شمالها وشرقها .. وسويسرا إلى جنوبها وغربها.. والنمسا إلى الجنوب الشرقي منها ، تبعد البحيرة عن زيوريخ 75 كلم ، أما المسافة بين ميونيخ والبحيرة فتبلغ 225 كلم ، وتحمل هذه البحيرة تسميتين ( كونستانس - وعلى ما أظن - أنها نسبة الى القرية الواقعه على شرم البحيرة Konstanz و بودنزي Bodensee ويطلق عليها عموم السكان الذين يقيمون في القرى المطلة عليها التسمية الألمانية ( بودنزي Bodensee ) .. ويتميز جو البحيرة والمناطق المجاورة لها بالإعتدال صيفاً وهي بالأصل تكون طبيعي من 3 بحيرات ، وبحيرة كونستانس ثاني اكبر بحيرة في اوروبا . تبلغ مساحة البحيرة 220 ميلاً مربعاً واقصى عمق لها 800 قدم ( حوالي 240 متراً ! ) ، يبلغ عدد سكان القرى والمناطق التي تطل عليها 2.2 مليون شخص ويعيش فوقها 200 الف طائر بحري وتحوي اكثر من 55 الف قارب ومركب . تعتبر مياه بحيرة كونستانس مصدراً طبيعياً للمياه يعيش عليه سكان المدن والقرى المطلة عليها
التاريخ : السبت 19 اغسطس 2006 م الموافق 25 رجب 1427 هـ
الساعة الثانية عشر والنصف ظهراً

القطار يشق طريقة متجهاً لأقصى الغرب النمساوي
ياله من طريق جميل ... البساط الأخضر في كل مكان .. أينما يممت بصرك تجد الطبيعة تحتويك بجمالها الأخاذ .. وعنفوانها الجذاب ! ... اننا نستقل القطار النمساوي OBB الذي لايضنيه سفر او ترحال ... يمر القطار من بين الجبال ،، ويتخلل الغابات .. ويمر الى جوار البحيرات الخلابة و الجداول البديعه والكهوف الصغيرة التي نلمحها اثناء سير القطار بين الجبال والأودية وكأنها قد نحتت في الجبال نحتاً متقناً .. نتأمل بديع صنع الله تعالى في كل مكان .. فقد كان ذلك اليوم صحواً .. هجرنا الغمام فيه .. فلا امطار في ذلك اليوم .. غابت لأمطار التي صحبتنا في اثناء سفرنا .. مع حلنا منذ وصولنا لفيينا في 10/8/ 2006 م وحتى مغادرة لوزيرن في 25/8/2006 م . كنت قد أخذت مكاني في إحدى الكبائن الشاغرة بعد عناء وجهد من جراء سحب الحقائب من عربة الى عربة ، ولعل من الأمور المزعجة في نقل الحقائب في القطارات هو ادخال الحقيبة في مدخل العربة ثم البحث عن كابينة شاغرة .. وقد يستغرق البحث وقتاً أطول أثناء الاجازات الرسمية في البلاد ، وحتى إذا ما تم العثور على عربة شاغرة فسوف يتعين الذهاب لجلب الحقائب التي تم سحبها وصولاً إلى الكابينة .. وسط نظرات المسافرين المتطفلة ، وقد تُحتل تلك الكابينة مالم تؤمن من قبل صاحب في السفر ..



لقد كنت محظوظاً في العثور على كابينة طوال فترة الرحلة التي بدأتها من انسبروك Innsbruck الى بريغنز Bregenz والتي تستغرق ساعتين ونصف، ولعل مايخفف من وطأة الانتظار أنه لم يكن هناك تبديل للقطار ،، ولله الحمد فقد أضطررت إلى ذلك عبر القطار القادم من سيفيلد Seefeld مرة واحدة عندما توقف في محطة انسبروك Innsbruck لأستقل هذا القطار المتجه الى غايتي النمساوية المقصودة .. والتي اخفقت في الوصول اليها العام الماضي بسبب سوء الأحوال الجوية اضافة الى عدم التخطيط المسبق لهذه الوجهة ( بريقنز BREGENZ) كمحطة إقامة حيث كنت قد اكتفيت بالمدن النمساوية السبعه العام الماضي وجعلت لبريقنز زيارة مقررة من انسبروك حسب الظروف .. وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم .. فما رأيته من الصور التي بينت حجم كارثة الفيضان العام الماضي من انقلاب بعض القطارات جراء خروجها عن مسارها في الإقليم الغربي من النمسا جعلني اتنفس الصعداء وتذكرت قوله تعالى " وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم " ، البقرة (216) ، ومن العصمة أن لانقدر أحياناً .. اما في رحلتي الأخيرة في اغسطس 2006 ( هذه الرحلة ) فقد قدّرت انني سأستمتع بقضاء الوقت في Bregenz لأنني خططت مسبقاً لجعلها وجهة اقامة رئيسية ، وكانت الظروف الطبيعية مواتية ... حيث خصصت 3 ليالٍ للإقامة فيها وكنت آمل أن تكون كافية .. وذلك عند النظر الى موقعها الجغرافي الرائع وماتتمتع به من مقومات سياحية رائعه .. وأياً كان طول فترة اقامتي فيها الا انني عللت نفسي بأنني قد وصلت الى وجهة تمكنت بفضل الله تعالى من زيارتها والإستمتاع بما تحوية من جماليات ومقومات سياحية وطبيعية وأثرية وحضارية ، علاوة على الموقع الجغرافي نفسه للمدينة .. كنت اتوقع السبب من عدم احتلال هذه الوجهة ( أي بريقنز ) مكاناً على خارطة السياح العرب أن زيارتها كانت تعتبر بالنسبة لهم ضرباً من المجازفة في تجربة الجديد والإكتفاء بما هو مجرب من المناطق السياحية وتم الثناء عليه .. ولكن هل الأماكن الجميلة في عالمنا لم تكتشف إلا من خلال التجربة !.. وبالرغم من شعبية مدينة بريغنز وبخاصة لدى الشعوب الأوروبية الذين ينشدونها يقصدونها لعروض الأوبرا التي ماتكون عادة إيطالية في المدرجات العائمة ، وكون هذه المدينة تحظى باقبال من السياح الأوروبيين .. إلا أنني اظن اننا نحن السياح العرب ننظر الى السياحة من منظور خاص ولنا ميول قد تختلف عن ميول السياح الغربيين ، فهم يعشقون المهرجانات وزيارة الأماكن الدينية التي تتبع نهجهم العقدي ، وزيارة المتاحف والمكتبات العامة والأنشطة المختلفة مثل تسلق الجبال والصعود الى المرتفعات والتزلج وغيرها من الرياضات والأنشطة المختلفة ، أما نحن السياح العرب فنهوى المقومات الطبيعية التي لاتتوافر في بيئتنا كالجو المنعش والبساط الأخضر والبحيرات والأنهار والوسائل الترفيهية الأخرى كالتلفريك والترفيه البريء وغيرها من المقومات السياحية الأخرى التي تستهوينا وتجعلنا نطوف الارض شرقاً وغرباً لتتبعها ... والاستمتاع بها .. مدينة بريغنز جمعت المقومات السياحية الرائعه ، فهناك بحيرة كونستانس العملاقة التي تترامى على 3 دول والجبل Pfander بفاندر الذي تتمكن عبر الصعود إلى قمته من رؤية النمسا وسويسرا والمانيا ( وقد قال لي احد السياح هناك انه بالإمكان رؤية حدود فرنسا من فوقه ) مع اني ارى في ذلك شيئاً من المبالغة رغم أني لا أشك في صحته خاصة إذا ما كان مصدره الخبراء من اهل المدينة نفسها ، او من الجغرافيون الذين يستخدمون المناظير المقربة ( التلسكوبات ) الموجوده فوق الجبل وغيرهم من اهل الخبرة والإختصاص .

وإضافة إلى وجود البحيرة وجبل بفاندر .. فهناك حيوية المدينة نفسها ، إلى جانب المدينة القديمة والتي من أبرز معالمها برج مارتن وبرج سانت غالوس St. Gallus ... وغابة بريغنز Bregenzwald الساحرة التي تعتبر مكاناً رائعاً للنزهات .. وقلعة Gebhardsberg التي تقع جنوب المدينة معتلية هضبة بريغنز الجنوبية حيث تستمتع بإطلالة رائعه للقرى الواقعه خلف بريغنز .. وأنت في بريغنز نفسها .. إضافة الى نهر آخ Ach (Bregenzerach) جنوب المدينة نفسها والذي يشكل حداً جغرافياً لها .. وإن ننسى فلا ننسى معلم بريغنز العالمي : المدرجات العائمة BREGENZ FLOATING FESTIVAL STAGE في المدينة وقرب بريغنز من لنداو حيث انه وبمجرد جلوسك على ضفاف بحيرة بريغنز ( بحيرة كونستانس ) تتمكن بسهولة من رؤية لنداو الألمانية Lindau .. ويمكنك خلال 10 دقائق بالقطار أن تصل الى المانيا من بريغنز لتتوقف في محطة قطارات لنداو الألمانية والتي افردت لها موضوعاً خاصاً في بوابة المانيا . اضافة الى العديد من القرى الجميلة المترامية على بحيرة كونستانز الموزعه على شواطئها الساحرة من الجانبين الألماني والسويسري ، وكذا الرحلات البحرية اليومية في بحيرة كونستانز CONSTANCE أو كما يسميها الألمانيون Bodensee .. حيث تتفاوت مدة تلك الرحلات على البحيرة من عدة ساعات إلى يومين فأكثر .. وكذا الكورنيش البديع لبحيرة كونستانز حيث مقاعد الجلوس الموزعه في كل مكان والتي اصبحت محطة للمتأملين في هذه البحيرة الجذابة والمسطحات الجميلة وحركة السياح وأهل المدينة وكذا الباعة المتجولون والمستعرضون والمقاهي والمطاعم الصغيرة وبعض الاكشاك ومحلات الآيس كريم وباعة الاكسسوارات الذين قدم بعضهم من امريكا اللاتينية لعرض بضائعهم والتي تستقطب العديد من السياح ، والتجول في القطار الصغير على ضفاف بحيرة كونستانز .. .. لذا .. فإني أعتقد أن مانبحث عنه نحن السياح العرب موجود فعلاً في بريغنز !!

هنا خريطة توضيحية لأهم المعالم السياحية في مدينة بريغنز Bregenz
الأرقام على الخريطة تشير إلى مايلي :
1. منصة بريغنز العائمة Floating Platform على بحيرة كونستانس Constance
2. بحيرة كونستانس Constance - أو - Bodensee
3. ميناء بريغنز للرحلات والجولات على البحيرة Bregenz Hafen
4. نهر بريغنز - آخ - Ach - بريغنزر-آخ - Bregenzerach
5. قلعة غيبهارد Gebhardberg على هضبة مرتفعة وسط غابة بريغنز Bregenzwald
6. مبنى مركز المعارض والفنون Kunsthaus - مقابل ميناء بريغنز من جهة المدينة
7. السنتر
8. المدينة القديمة وقلعة سانت مارتن
9. محطة القطار
نعود إلى رحلتنا عبر القطار متوجهين لمدينة بريقنز .. ففيما كان القطار مستمراً في سيره أطلت النظر خارج النافذة في تأمل للأشجار الجميلة والجداول التي نمر بها والبيوتات المزركشة بمختلف انواع الزهور ، وتوقف القطار عند احد المحطات فصعد اليه مجموعة كبيرة من الأفراد ممن يرتدون زياً عسكرياً موحداً


قرية "رانك فايل " .. المقر الرئيسي لشركة " راوخ " للعصائر   

وأخذوا يسيرون بين العربات بحثاً عن كابينة شاغرة الا ان سوء حظهم دفعهم للوقوف على المسار المقابل للكبائن وبدأوا في تجاذب الأحاديث فيما أخذت أصواتهم تعلو بشكل لفت نظر الجالسين في الكبائن الاخرى .. ولقد تمنيت ان تكون وجهتهم قريبة كي يستريحوا من عناء الوقوف ونستريح نحن من تعالي أصواتهم وتخيلت ان تكون وجهتهم قرية Rankweil رانك فايل القريبة من بريغنز والتي كان بيننا وبينها مسافة طويلة نوعاً ما .. ومعنى هذا ان وقوفهم سيستمر لفترة غير قصيرة ... الا ان القطار توقف قبل بلوغ تلك المحطة وخرجوا يتسامرون ويتبادلون المزاح متجهين صوب ريفٍ لايقل جمالاً عن ذاك الذي قدموا منه .. فأراحوا واستراحوا ..

بعدها بفترة غير قصيرة مررنا بقرية Rankweil رانك فايل وتقع بين بريغنز وامارة ليخشتنشتاين على الطرف الغربي من النمسا .
وأثناء سير القطار أخذت أتأمل مطوية جدول سير القطار ، حيث أن في كل قطار مطوية من عدة صفحات تتضمن الوجهات التي يمر بها والوجهات الأخرى التي يتفرع منها المسار .. وكذا الموعد الزمني لتوقف كل قطار وإنطلاقه من محطة إلى أخرى . ما أجمل الدقة في توقيت القطارات ووصولها الى الجهة المقصودة . ولعل عامل المسافة التي يقطعها القطار من قرية الى اخرى يختلف من سائح إلى آخر .. فالبعض يرى متعة في ذلك ، فيما يرى آخرون أن السير لمدة تزيد عن 5 ساعات امرٌ شاقٌ للغاية على أنهم يتفقون في أن مايعكر ذلك هو التغيير من قطار إلى آخر .... سافر احد الاصدقاء من باريس الى ميلانو بالقطارهذا الصيف ورغم بعد المسافة التي تزيد مدتها عن ال 10 ساعات بالقطار الا أنه أفادني أنه لم يشك من أمرٍ سيء غير مسألة تغيير القطار ونقل الحقائب من قطار لآخر فقط . ولعل الطبيعة الخلابة كانت كافيه لأن ينسى الانسان هم المشوار والتعب وان يمتع عينية ببديع خلق الله. ومن منظوري الخاص فإنني أرى أن مشوار القطار مهما طال فإنك لن تخسر شيئاً ، فكلما طال المشوار ؛ كلما شاهدت مناطق أجمل . وهكذا حال القطارات في معظم ارجاء اوروبا ..

قارب القطار على الوصول الى محطتنا المنتظرة Bregenz وبدأ الجميع في الاستعداد لحمل الحقائب تأهباً للنزول .. فيما أخذ البعض مكانه امام باب القطار ،، شعرت بأن طول انتظاري وشوقي لمشاهدة Bregenz قد وصل حده فهممت بحمل الحقائب استعداداً للنزول في هذه المدينة التي سعدت بجعلها محطة إقامة رئيسية وكمحطة انتقالية من النمسا الى سويسرا.. وبدأت في تهيئة نفسي للعيش في مدينة باتت زيارتها حقيقة واقعه .. وأجمل من ذلك انها كانت ضمن اولوياتي منذ العام الماضي .. دخل القطار حدود المدينة ومررنا امام احد الانهار الخلابة Bregenzerach وحاذينا الأشجارالوارفة حتى توقف بنا القطار في محطتنا المقصودة .. وبلغنا غايتنا.

 
اثناء سير القطار باتجاه الغرب ، بدأ يأخذ اتجاهه صعوداً ناحية الشمال تجاه نقطة تلاقي بريغنز مع بحيرة كونستانس وما أحر العناق بين تلك التحفة النمساوية " بريقنز " والبحيرة العملاقة Constance التي تغذيها شلالات الراين الهائلة وأجمل من ذلك تلك المناظر الطبيعية الخلابة التي مررنا بجوارها من انهار وأشجار وقمم جبلية وقطعان الماعز والأبقار .. لقد بات المشهد وكأنه فلم سينمائي طبيعي خلاب لا يُـمـَل من مشاهدته . بعد دقائق ... توقف القطار في محطة Bregenz وبدأت المتحدثة في الإعلان عن الوصول الى بريقنز : (( ويلكوم توم بريقنز )) باللغتين الالمانية والانجليزية .. أخذت مكاني في الطابور قبالة باب العربة فيما بدأ الجميع في النزول ، كان الجو أيضاً في مدينة " بريغنز" صحواً كوجهاتنا التي غادرناها .. حملت الحقائب وهممت بالاتجاه للفندق حيث اخذت مكاني على احد مقاعد الإنتظار المقابلة لسكة القطار لأبحث عن الفاوتشر الذي طبعته من موقعهم على الأنترنتhttp://www.accorhotels.com
بعد أن قررنا للإقامة في فندق IBIS ، بعد اخفاقي في العثور على امكانية الحجز لثلاثة ليالي متتالية في فندق ميركيور Mercure التابع لنفس المجموعة التي تديرها شركة Accor كما هو موجود على هذا الرابط [url]

وهنا أقترح على من ينوي الإقامة في بريقنز أن يختار فندق ميركيور لأنه على البحيرة ولايفصل بينه وبين السنتر الا محطة القطار التي تجتازها من خلال درج لولبي يصعد بك الى جسر زجاجي تمر عبره من فوق محطة القطار الى داخل المدينة .. بعد استراحة قصيرة على المقعد المقابل لسكة القطار توجهت للخروج من المحطة عبر السلالم الكهربائية لأجد مسارين ايمن وايسر ، فاخذت الايمن بعد سوء تخمين للوصول الى فندقي الذي حجزته من موقع Accor وهو فندق IBIS ( فئة 3 نجوم ) حيث علمت مؤخراً أنه كان يتعين علي ان الزم المسار الأيسر من الجسر الزجاجي الذي يمر فوق منصات القطار المختلفة محاولاً أن أصل إلى فندق IBIS ، و للمعلومية فندق ميركيور يقع على البحيرة .. اما فندق IBIS فكان في جهة المدينة .. ثم اتجهت لفندق ميركيور لتقوم موظفة الاستقبال بالاشارة إلى موقع فندق IBIS على الخريطة وبعدها طلبت منها ان تستدعي لنا سيارة تاكسي فقد كان عناء المشوار من سيفيلد الى انسبروك ومن انسبروك الى بريقنز كافياً لهذا اليوم .. ولابد من الراحة قليلاً فالمشي بالحقائب الى الفندق من اشق الأمور التي تواجه المسافر بعد عناء رحلة طويلة حتى وإن كان الفندق قريباً من المحطة . أقلنا سائق التاكسي إلى فندق IBIS ، وكان الفندق جميل وصغير ومرتب وكان هناك جهاز حاسب آلي مفتوح للنزلاء لمن اراد الاتصال بالانترنت الا ان ضغط السياح في الفندق جعل من مسألة الوصول للجهاز امراً بالغ الصعوبة ويتطلب الانتظار . قمت بعدها بتفقد اللوبي وتأملت بعض المطويات الخاصة بالأماكن السياحية في المدينة ، فهذه مطوية عن منتزه Pfander ، المنتزه الجبلي الذي تصعد اليه بالتلفريك لتشاهد بحيرة كونستانز الخلابه من اعلى الجبل الذي يحمل الأسم Pfander ، اضافة الى تبدي اطراف واستشراف ملامح حدود البلاد السويسرية والألمانية امام عينيك وكذا ربوع النمسا حيث يتسنى لك مشاهدة الاراضي الشرقية من البلاد عبر الجهة الثانية من الجبل Pfander ... .. بعد فترة من تمعن في النشرات والمطويات السياحية الخاصة بالعبارات والرحلات الجميلة في بحيرة كونستانز .. توجهت لموظفة الاستقبال التي استقبلتنا ببشاشة وسألتني عن إسمي قبل ان ابادرها بالسؤال فاجبتها بالإيجاب .. فاعطتني مفاتيح الغرف ثم افادتني عن ان الافطار غير مشمول وانه في حالة طلب الافطار فانه يضاف سعر 9 يورو للشخص في اليوم الواحد ، وقبل ان اشكرها طلبت منها تدوين اهم المزارات السياحية في المدينة واخذ المواعيد اللازمة لبعضها فقالت لي بكل رحابة صدر : طبعاً لكن اتمنى ان تلحق على عروض المدرجات العائمة على بحيرة كونستانز - BREGENZ ، وقد كانت فترة اقامتي مصادفة لمهرجان بريقنز السنوي ومن أبرزها العرض العالمي للأوبرا والمسرحية على المنصة العائمة Bregenz Festival Stage ، ثم قامت موظفة الإستقبال بالاتصال بمكتب الاستعلامات السياحية في المدينة وأخذت تتحدث الى احد المسؤلين هناك وتقوم بتدوين العناوين والمواعيد الزمنية ،، في هذه الأثناء انطلقت الى المصعد ، ومن المزايا الأمنية التي اعجبتني في ذلك الفندق الصغير ان المصعد لا يأخذك إلى الادوار العليا الا بامرار بطاقة الغرفة التي يقرأها جهاز الاستشعار كي يترجمها للمصعد الى رقم الطابق . لاحظت حسن تنظيم الفندق بالرغم من صغره وموقعه الجيد واللمسات الجميلة في كل مكان في اللوبي وكثرة النزلاء مما اعطاني شعوراً بالارتياح .. قمت بحمل الحقائب الى الغرف حيث ان الخدمة في هذا الفندق الصغير ذاتية ، دخلت الغرفة فوجدتها جميلة وانيقة ولها شباك يطل على شارع صغير كانت الغرفة على النمط المعروف للغرف الفندقية لشبكة فنادق Accor حيث الأناقة في التصميم ولمسة الديكورات الجميلة التي يمكنك ملاحظتها للوهلة الأولى عند دخولك الغرفة ، ومما افتقدت وجوده في الغرفة البلكونة والتي اعتبرها شيئاً أساسياً في اختياري للفنادق لأنك تشعر بأنك تتجول في المدينة أثناء جلوسك في البلكونة ، علاوة على الأجواء الجميلة التي يمكن قضاؤها في نهاية اليوم مع كوب من القهوة او الكابتشينو وقطعة كعك .. ومن المميزات التي لاحظت وجودها في الغرفة وجود التكييف والذي عوض عن عدم توفر الشرفة . بعد الاستراحة في الغرفة لبعض الوقت .. وتصفح المطويات التي عابها خلو معظمها من اللغة الانجليزية .. قررت الخروج الى شوارع المدينة للقيام بأخذ جولة عامه فيها .. نزلت عبر المصعد وتوجهت لموظفة الاستقبال وطلبت منها المدونات التي طلبتها منها فناولتني ورقة صغيرة عليها أسماء بعض الأماكن المهمة والمواعيد الزمنية ورقم مكتب خدمة السياح .. فشكرتها على ذلك ثم توجهت للخروج من باب الفندق ، بعد خروجي من الفندق وجدت احد المكاتب الخاصة بالجالية التركية ( لاحظت كثرة الاتراك في بريقنز ) ثم توجهت شخص كان يتجاذب الحديث مع رفيقه .. تحادثنا قليلاً وسألته عن أقرب مسار يتعين علي إتخاذه للتوجه الى السنتر فقام مشكوراً بإرشادي إليه .. ثم عبرت الشارع الصغير الذي يجتاز الفندق الى الجهة الاخرى منه ، كنت اسير ومظاهر الحركة تبدأ في ازدياد ، فعلمت اني بتتبعها سأصل الى منطقة السنتر – بريقنز الحديثة – ثم بريقنز القديمة – ولعل ابرز مايكون في المدينة هو السنتر حيث الحركة والحيوية – اما المدينة القديمة فتكون في العادة مزاراً قد يأخذ نصيباً من السياح يربو عن المدينة الحديثة – السنتر - وتحتوي البلدة القديمة على قلعة قديمة و3 أبراج بسورها الحجري العتيق .. وبعض المعالم الأثرية والبنايات القديمة .. ومن هنا كانت خطتي التوجه للسنتر ، فالمدينة القديمة ثم التوجه الى الكورنيش الخاص ببحيرة Constance .. لاحظت في بريغنز سمات المدينة النابضة بالحيوية والحركة التي لاتهدأ في كل مكان . ففي كل مكان تجد السياح والناس ، في كل مكان تجد معلماً سياحياً او مركزاً حيوياً او نقطة سياحية مهمة ، في كل مكان تجد مقهى أو معلماً رياضياً او ثقافياً.. لقد جمعت هذه المدينة المقومات السياحية. اثناء رجوعي من البلدة القديمة عاكساً المسار الذي قطعته رأيت أنني اصبحت قريباً جداً من منطقة السنتر ،، فبدأت في تجهيز الكاميرا واخراج الخريطة من جيبي إذ أنني كنت على موعد قد طال انتظاره مع حورية النمسا الجميلة : بريقنز Bregenz .. رباه ! .. شدما يبالغ فؤادي في الخفقان .. ويمتاح من أوردتي بئر الحرمان .. فأنا والصب المدنف سـيـّان .. وإن اختلف الزمان والمكــان .. أواه يا بـريــغنــز .. يا حلم الليـــالي في جفاف البيداء ..ولسعة الهجــيــر .. ما أحر السعير على كبد العــاشق المرير .. ترى أيطفيء اللقــاء وهج ذلك اللهيب في قلب المحب .. لسوف نــرى !...


هكذا كانت النظرة الأولى حالماً وصلنا الى المدينة بعد الخروج من محطة القطار ، ويبدو أننا اتجهنا ناحية الكورنيش حيث فندق ميركيور ، بينما كان من المفترض التوجه عبر المسار الآخر لجسر محطة القطار المتجه للمدينة حيث فندقنا IBIS ، كم هو جميل هذا المكان ! حديقة صغيرة على جوار كورنيش بحيرة كونستانس ويوجد فيها مجسم للقطار في إشارة إلى أننا على أعتاب محطة القطار لمدينة بريقنز . لاحظ الإعلان عن ملحمة فيردي Troubadour على اللوحة الإعلانية حيث ملأت هذه اللوحات شوارع المدينة إيذاناً ببداية المهرجان الأوبرالي لهذا العام والذي يأخذ مكانه على بحيرة كونستانس Constance الجميلة

صورة أخرى لذات المكان ولكن من زاوية اخرى ، وأمامك يوجد خلف ذلك السور الصغير البحيرة الجميلة Constance



اتجهت لفندق ميركيور ، الأجمل بالنسبة لي في بريغنز حيث يقع مظاهراً لبحيرة كونستانس ويتبع شبكة فنادق Accor التي لها فندقان في مدينة بريقنز Bregenz حيث كان فندقنا المفترض هو IBIS ، ولقد اصبت بالإحباط حينما رأيت فندق ميركيور الجميل وموقعه الرائع حينما لم يتيسر لي الحجز ل 3 ليالي متتالية .. وتوجهت للفندق للتأكد منهم عن موقع فندق IBIS بالتحديد


مجسم القطار الموجود في الحديقة الصغيرة التي تفصل بين محطة القطار والبحيرة . اعجبني تنسيق الحديقة . يوجد العديد من المقاعد اضافة إلى بعض العاب الأطفال


من هنا تشاهدون المواقف المخصصة لفندق ميركيور الذي يبدو على اليمين حيث توجهت اليه ثم استفسرت منهم عن موقع فندق IBIS بالنسبة لفندقهم ، ثم فضلت ان يقوموا باستدعاء سيارة تاكسي لتوصيلنا الى الفندق مباشرة خاصة وأن معنا حقائب .


بريغنز .. والحب من أول نظرة ... صورة للطريق اثناء توجهي لمنطقة السنتر ، الانطباع الاول الذي اخذته عن هذه المدينة هو حسن التنظيم


قررت التجول في منطقة السنتر والقريبة من الفندق - ميزة التجوال في قلب بريغنز أنك تستطيع الوصول لكل مكان في وقت وجيز ، وقد تكون في غنى عن التنقل بالسيارة او بالباصات .


من هنا .. بداية السنتر والمنطقة السياحية في المدينة .. اعجبني تنسيق الممرات والساحات ..


وهنا احد الشوارع الرئيسية ولكن الخاصة بالمشاة وكما تشاهدون .. المقاهي على قارعة الطريق ..



بالاضافة الى انتشار جملة من المقاهي في السنتر .. فإن المنطقة السياحية تتسم بالتنظيم وتوفير مقاعد الجلوس وبعض المناظر الجمالية التي اصبحت استراحات متفرقة لمن يتجول في السنتر




وهنا .. في منطقة السنتر - التي لازلنا فيها ، تجدون احد المقاهي الكبيرة التي ازدحمت بالسياح .. وبالزبائن من سكان المدينة



نظرة من منتصف شارع المشاة الرئيسي في بريغنز .. الحياة تسري في السنتر عبر هذا الشريان الحيوي الذي يضخ السياح من السنتر وإليه ..


تتواجد العديد من المحال في الشارع هذا وتتراوح انشطتها من محلات للملابس والكماليات الى المقاهي وبعض المطاعم
لاحظ انتشار العلم النمساوي في كل مكان .. في إشارة إلى أن مدينة بريقنز تعيش مهرجانها السنوي ..

وهنا .. نظرة إلى الخلف حيث شارفت على بلوغ نهاية شارع المشاة ..



محل للعطورات والكماليات والملابس في نهاية شارع المشاة



تدفق السياح في شارع المشاة من طرفه الآخر .. وتبدو في الصورة جلسات احدى المقاهي ..

يتــبــع....


ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق