الأحد، 3 مارس 2013

أيــام .. في بريغـنز Bregenz - الجزء 5/6


بعد زيارة سريعة وجميلة لجبل بفاندر Pfander والاستمتاع بالمناظر البانورامية الرائعه لمدينة بريغنز من فوق الجبل .. والإطلالة على البحيرة والخارطة الطبيعية التي تظهر التفاصيل التضاريسية لمدينة بريغنز ، قررنا التوجه نزولاً من الجبل عبر العربة المعلقة ( التلفريك) .. وبعد الوصول إلى المحطة السفلية كان سائق التاكسي بانتظارنا ، فتوجهنا مع سائق التاكسي الى منطقة السنتر ، فأخذنا نبحث عن احد مطاعم الوجبات العالمية المعروفة ،  إلا ان سائق التاكسي افادنا بأنه لاتوجد مثل هذه المطاعم في مدينة بريقنز .. حيث أن أقربها يبعد عنا 10 دقائق فقط
  بالقطار  ولكن بالطبع ليس في بريقنز ! بل في المانيا وتحديداً في بلدة لينداو Lindau المقابلة لمدينة بريقنز على الضفة الأخرى من بحيرة كونستانز Constance .. بعد ذلك قررنا البحث عن احد المطاعم الجيده داخل بريقنز التي تشهد اقبالاً من السكان حتى وجدنا مطعم للبيتزا وكانت جلسات المطعم الخارجية مزدحمة فلم نعثر على طاولة شاغرة ، كان المكان يشهد حركة كثيفة من حيث الطلبات وانشغال العاملين الذين كانوا يجولون بين الزبائن وحول الجلسات كالنحل .. وفيما كنا نتشاور عن نوعية الإختيار إذا بأحد مقدمي الطلبات يبادرني بابتسامة ويقول لي انتظروا 5 دقائق فقط .. بعدها قام ذلك الجرسون باستدعائنا من بين الجلسات الخارجية التي اكتظت بالزبائن ، وتوجهنا الى داخل المحل نفسه ثم أشار لنا على أريكة رحبة داخل المطعم كي يتفرغ لنا .. ثم اتى احدهم الي وهو يحمل احد الصحون التي ينوي تقديمها لأحد الزبائن وبادرنا بالتحية و السلام باللغة العربية
كان الشابان في مقتبل العمر وهما اخوان تؤامان ويعمل معهما 3 اشخاص في المطعم الذي يديرانه ، اضافة الى الطباخ الذي يقوم بتجهيز العديد من الطلبات التي لاتنتهي للزبائن الذين جلسوا ينتظرون الطعام .. بعد هذا الموقف انتابنا شعور بالارتياح ثم قام احد الشابين بتقديم زجاجات المرطبات، استحسنت كرم الضيافة والروح المرحة التي يتمتع بها العاملون في المطعم .. وخاصة هؤلاء الأخوة الذين كانوا في قمة الأدب والبشاشة .. فأحسست بارتياح تجاه ذلك وحسن تعاملهما معنا على مرأى من الجميع
بعد ذلك تم تجهيز الطلبات ( بيتزا بالخضروات وسباغيتي بولونيز ) وأتاني الطاهي في المطعم وقال لي سأريك شيئاً .. اتبعني .. فتبعته مجبراً في مجاملة مني له حتى دخل مطبخ المطعم وقام باخراج بعض اللحوم من البراد وقال لي : هذه حلال لاتقلق .. لحم غنم .. ثم اخذ يقطعها اوصالاً صغيره ويطهوها امامي ثم قام بسكب مكرونة سباقيتي جاهزة عليها وقال لي : تفضل اتمنى ان تعجبكم ، ثم رفض ان يأخذ حسابه لأجد نفسي مضطراً بعدها لوضع إلى مبلغ من المال على طاولة الكاشير ثم شكرتهم وانصرفنا 
ومن المزايا الأخرى لمدينة بريقنز والتي لاحظتها بشكل واضح أنها مدينة فريدة من نوعها من حيث التركيبة السكانية فيها .. حيث انها مؤلفة من عدة أجناس وثقافات تتبع مجتمعات مختلفة .. فهذا تركي وهذا ايطالي وهذا الماني وهذا سويسري وهذا من امريكا اللاتينية قدم ليعرض بضاعته
 .. لم أشعر ابداً أنني في مدينة نمساوية ! ، قضينا تلك الليلة في الغرفة وتناولنا العشاء الذي لاقى قبولاً واستحساناُ ممن كانوا معي ولم استغرب ذلك الاقبال الكبير من الزبائن على المحل ( مطعم البيتزا ) .. بعد وصولي الى الفندق توجهت الى جهاز الكمبيوتر المخصص لنزلاء الفندق في اللوبي وجلست قليلاً اتصفح بعض المواقع عن المدن المجاورة لبريغنز لتتبع المسار الزمني لبعض القرى التي خططت الانطلاق اليها من بريغنز مثل لنداو – آربون – سانت جالن ، ثم توجهت للغرفة للنوم بعد عناء يوم حافل جداً بالزيارات السياحية .. عناءٌ لم اشعر بمداه الا حينما استرخيت على السرير مستسلماً لسلطان النوم للنوم بعد طي صفحة اليوم الأول في مدينة بريقنز Bregenz .



انسبروك (النمسا) - سانت جالن (سويسرا) - لنداو (المانيا) لافتة لـ3 دول داخل مدينة واحدة !


مطعم البيتزا الأيطالي في بريغنز ..



احد الشوارع التي تقابل مطعم البيتزا



جلسات المطعم الخارجية الذي قمنا بتناول الغداء فيه



المطعم من الداخل وأحد الشبان المقدونيين المسلمين الذين يعملون بالمطعم



منظر آخر من داخل المطعم



لقطة من الجلسات الخارجية وصورة تذكارية للأخ المقدوني الذي تمنيت لقاءه مرة أخرى يوما ما ..



شارع بريقنز العام .. حينما تجتمع الطبيعة بحسن التنسيق والتنظيم يكون للمدينة طابع من نوع خاص !



منطقة السنتر ليلاً تكاد تخلو من المشاة



جولة قصيرة في منطقة السنتر مع تساقط المطر وتلألؤ انوار المدينة البراقة



مشهد لمنطقة السنتر ويظهر في الصورة مبنى يحمل لافتة Casino Bregenz



صورة للمدينة في الصباح الباكر حيث لازال هطول الأمطار مستمراً



فندق IBIS الذي كانت اقامتي فيه في مدينة بريغنز



نهر Bregenz المسمى Bregenzer ach ( لاحظ تسمية نهر السالزاك Salz- ach حيث ينسب لمدينة سالزبورغ )



احد المباني الغريبة في منطقة السنتر والتي بدت جدرانه على شكل لوحات فنية



لافتة إرشادية عن جبل بفاندر Pfander في أحد ميادين بريغنز



منظر لأحد شوارع المدينة ويبدو فيها جسر المشاة الذي يصعد بك إلى محطة القطار ويشاهد على الجسر لوحة اعلانية للمنصة العائمة



لقطة تظهر احد ميادين مدينة بريغنز



لوحة اعلانية ضخمة للمنصة العائمة التي حملت العمل الاوبرالي لـ فيردي ( التروبادور )


" بريــغــنز : نقطة الإنطلاق للدول المجاورة Bregenz "

إن من اجمل مانشاهده في رحلاتنا هو وقوع إحدى المدن التي تندرج ضمن مخطط رحلتنا بالقرب من دولة اخرى ، ولعلنا نلاحظ ان الكثير من المسافرين للنمسا يربطون رحلتهم بالمانيا ، لأن سالزبورغ تقع قرب الحدود الألمانية ، بل إنك لو تأملت خريطة النمسا لوجدت أن سالزبورغ داخلة في الخريطة الجغرافية لألمانيا وما الحدود التي تفصلها عن المانيا إلا الحدود السياسية والأقليمية .. كذلك لو اتجهنا جنوباً في النمسا للاحظنا أن مدينة Klagenfurt قريبة جداً من حدود سلوفينيا التي انضمت الى الاتحاد الأوروبي عام 2004 ، ومدينة فيلاخ Villach الملاصقة للحدود الإيطالية .. ولو تأملنا الأقليم الغربي من النمسا والمسمى Volarberg لوجدنا بعض القرى المجاورة لسويسرا والمانيا.. إلا أنه من الفريد أن نجد مدينة تقع على مشارف 4 دول مثل بريغنز ، حيث أنه بالإضافة إلى كونها مدينة نمساوية فهي تقع على مقربة من حدود المانيا وسويسرا وهي كذلك قريبة من إمارة لخشتنشتاين وعاصمتها فادوز Vadoz ! هذه الميزة الجغرافية الرائعه في مدينة بريغنز قلما توجد في مدن أخرى ..

من الأسئلة الشائعه في ساحة الاستفسارات النمساوية مايتعلق بأقرب المدن النمساوية من سويسرا ولعل مدينتنا هذه هي الخيار المناسب الذي يمكن السائح من الجمع بين اكثر من دولتين في رحلة واحدة .. وقد فكرت من قبل في جعل بريغنز اول وجهة لقضاء الرحلة فيها وفي هذه الحالة وكمقترح لمن ينوي الجمع بين سويسرا والمانيا والنمسا في رحلة واحدة فإن مدينة زيوريخ تعتبر الوجهة المثالية لذلك البرنامج .. فلمن يخطط للتنقل بالقطار على سبيل المثال .. تكون البداية من محطة القطار في مطار زيوريخ الى بريغنز خلال ساعة ونصف فقط من الوقت .. ثم يمكن جعل ميونيخ فسالزبورغ فزيلامسي وانتهاءاً بفيينا الخط الذي يمكن اتباعه لمن يرغب في القيام بمثل هذه الرحلة .



في صباح اليوم الثاني لي في مدينة بريقنز استيقظت من نومي باكراً ،، ووجهت بصري ناحية النافذة لأجد السماء ملبدة بالغيوم ! فتحت النافذة واخذت اتامل تساقط الهتان فكان ذلك عاملاً مغرياً لي للخروج من الغرفة ومغادرة الفندق .. واثناء نزولي من المصعد وفيما كنت أعتزم الخروج من الفندق ، إذا بنسمات الهواء الباردة تصيبني بقشعريرة جعلتني اتردد في الخروج .. لكن منظر المطر والجو في الخارج كان لايقاوم ، فقررت ان اتجول في المنطقة القريبة حول الفندق .. عبرت الشارع المقابل للفندق وتوجهت ناحية محطة القطارات ، وقد توقف قبالتها بعض الحافلات السياحية والمحلية وبعض سيارات التاكسي ، ثم دخلت صالة المحطة واخذت أتأمل في جدول الرحلات وأسماء القرى والمدن التي سيغادر القطار إليها في ذلك اليوم .. توجهت إلى بائع التذاكر وطلبت منه تذكرتين لزيارة لينداو الألمانية التي تبعد 10 دقائق فقط بالقطار عن مدينتنا هذه بسعر 8 يورو فقط ذهاباً مرجعاً لمدة يوم واحد وأي عدد من الزيارات .. ثم رجعت للفندق وقضيت بعض الوقت في تصفح بعض المطويات السياحية .. وعدت بعد ذلك للمحطة برفقة العائلة وتوجهنا لمنصة القطار الذي سيأخذنا الى لينداو Lindau .. كان الجو رائعاً والأمطار تهطل بغزارة .. وبالرغم من ان موعد القطار القادم كان بعد ربع ساعة إلا أن الجلوس على المقاعد وتناول الكروسان ومشروب الشوكولاته الساخنة تحت مظلة القطار على سماع ترانيم المطار على سقف المحطة ونسمات الهواء الباردة الممزوجة برطوبة وعبير بحيرة Constance الخيالية جعلتنا نتمنى أن لايأتي القطار أبداً ... وتهادت إلى خيالي نبرات اللحن الرائع لأعذب القصائد ..



من أجل عينيك عشقت الهوى *** بعد زمان كنُتَ فيه الخلي


يا فاتناً لولاه ما هزني وَجدٌ *** ولا طعم الهوى طاب لي


مرت الدقائق دون ان نشعر بها وتوقف أمامنا قطاران الأول الماني DB متجه من ميونيخ الى زيوريخ عبر بريغنز والآخر وكان في منصتنا OBB متجه إلى لنداو ..وهي محطة جولتنا الصباحية لذلك اليوم ... ركبنا القطار الأنيق الذي بدا حديثاً جداً ولم يكن في العربة معنا أي من المسافرين تقريباً لينطلق القطار صوب قرية لينداو ، يأخذ مساره على مشارف البحيرة التفافاً لتتبدى لنا جميع المشاهد البانورامية الرائعه لبحيرة كونستانس وماحوته من جمال ، وكنا نشاهد الأمطار تداعب موجات البحيرة الحالمة .. حتى توقف القطار عند محطة قرية لينداو Lindau : وعلى هذا الرابط تفاصيل الجولة الصباحية الجميلة في لينداو .



بعد العودة من لنداو إثر قضاء نصف النهار فيها توجهنا لفندقنا للإستراحة وقضاء بعض الوقت في تصفح بعض المطويات السياحية وتقليب بعض القنوات الفضائية .. ثم نزلت من الفندق وتوجهت لجهاز الحاسوب الموجود في اللوبي وقمت بالدخول على المنتدى ، و بدأت اتصفح بعض المواضيع الرائعه التي طرحت في تلك الفترة من الرحلات الجميلة التي صاغها اخوتنا المسافرون الذين وصلوا من إجازاتهم فأحسست بأني في وطني وأمام جهاز الحاسب الخاص بي .. ثم دخلت على موقع الطقس التابع لياهو ، وموقع القطار النمساوي OBB لإستعراض الرحلات المتجهة إلى قرية آربون السويسرية التي تأملت جمالياتها من خلال وصف أخي العزيز ابو ريان وإفادته الكريمة ،، وبعد قضاء دقائق امام الحاسوب احسست بأن هناك من يرغب في تصفح الانترنت فالتفت وراءي لأجد شخصين خلفي تبين لي أنهما سائحان أجنبيان تبدو عليهما العجلة وهما يحملان الحقائب فقمت من مكاني وعلامات التردد والخجل تبدو على وجهيهما .. وشكرني احدهما معتذراً لي بأنه مضطر للحاق بالقطار .. ثم انصرفت لغرفتي وقضيت فيها بعض الوقت للإستراحة .. وبعد ذلك نزلت متجهاً برفقة العائلة إلى محطة القطار وقطعنا تذاكر رحلة مرجعة الى آربون وكانت كلفتها حوالي 17 يورو للشخص الواحد ، وآربون Arbon قرية سويسرية جميلة تقع على شاطيء بحيرة كونستانس Constance ويصلها القطار بعد التغيير مرتين ونصلها من بريغنز في مدة قدرها 40 دقيقة تقريباً .. بعد شراء التذاكر توجهنا لمنصة القطار التي سننطلق منها إلى آربون Arbon والتي قضينا فيها فترة ما بعد العصر
على ضفاف البحيرة العملاقة Constance .. كانت مدينة آربون – و شلالات الراين – من الأماكن التي قررت الانطلاق إليها من بريغنز بعد إفادة اخي العزيز ابو ريان عن قربهما من بريغنز ولم يتيسر لي زيارة شلالات الراين لإزدحام جدولي ببعض الجولات السياحية المتفرقة .. فتشتت أملي بالذهاب الى قرية ( ميسهوفين ) التي توجد بالقرب منها شلالات الراين .. وأكتفيت بزيارة قرية آربون السويسرية الساحرة التي قمت بزيارتها لأستمتع بجانب رائع آخر من جوانب الريف الأوروبي الخلاب على ضفاف البحيرة العملاقة كونستانس Constance وقد نشرت عن زيارتي لـ ( آربون ) حيث أفردت مسبقاً تقريراً عن تلك الزيارة في البوابة على هذا الرابط

بعد العودة من قرية آربون الساحرة مع حلول المغرب عدنا إلى الفندق لنأخذ قسطاً من الراحة .. ثم توجهنا بعد ذلك إلى منطقة السنتر التي بدأت تتلألأ بأنوارها وطرقاتها التي تزدان بالمحلات الأنيقة ومع تساقط الهتان الخفيف استقر بنا التجوال في مطعم البيتزا الذي يعمل فيه الأخوة المسلمون ، وطلبنا بعض الأطباق متحلقين حول جلسة خارجية ، آنذاك لم يكن هناك الكثير من الزبائن .. فاتجهت إلى الأخوين إياهما داخل المطعم ودار بيني وبينهما بعض الحوار والمزاح .. ثم عدت إلى طاولتنا حيث تناولنا طعام العشاء ، أتبعناه بالقهوة الرائعة على انغام المطر في سمفونية رددتها مظلات الطاولات المنتشرة حولنا.. وبدا تساقط المطر في إزدياد حتى تفضل أحد الأخوين مشكوراً بتجهيز طاولة أخرى لنا قد ظللت بشكل متقن ، تقينا انهمار المطر الذي كان في إزدياد ،، بعد ذلك توجهنا قافلين إلى الفندق للنوم لليوم استعداداً لإستقبال اليوم الثالث في مدينة بريغنز ، وظللت أفكر في المكان الذي سنزوره في المدينة في اليوم التالي .. ولا أعتقد ان مفاتن بريغنز ستنتهي في هذين اليومين ، فما شاهدناه فيها كفيلاً بأن يجعلنا نكرر الزيارات ذاتها لنفس الأماكن الجميلة في المدينة .. وبدأنا نسمع بعض الأصوات والعروض التي حملتها الينا الرياح من البحيرة من خلال مكبرات الصوت إذ أن إقامتنا تصادف مهرجان بريقنز السنوي ، وكانت تلك بداية العروض الليلية التي تقام على المدرجات العائمة ،، لكن التعب والإرهاق لم يتيحا لي فرصة الذهاب إلى هناك والإستمتاع بمشاهدة تلك العروض المسرحية والفنية المختلفة .. ولعلي جعلت مساء اليوم التالي مقرراً للذهاب الى تلك المدرجات ومشاهدة العروض فوق تلك المنصة العائمة .. فاستسلمت للنوم وقد انتابتني قشعريرة باردة تسربت الي من النافذه وأعادت لذيذ الكرى وتسلل إلى خيالي مقطع من قصيدة رباعيات الخيام هامساً أن :
فما أطال النوم عمراً ولا *** قصر في الأعمار طول السهر
ليوصد جفناي ذلك اليوم على عيناي واضعاً حداً لنشاطاتي بنهاية اليوم الثاني في مدينة بريغنز BREGENZ .


"صباح جميل بين أحضان غابة بريغنز Bregenzwald "

استيقضت صباح اليوم التالي باكراً وخرجت من الفندق مع تساقط الهتان الخفيف الذي هيأني لبداية يوم جميل آخر في مدينتي المحبوبة Bregenz فقد سرى بيني وبينها عشق وغرام وشرعت تبادلني ذات الشعور الذي اكنه لها واتنسم جوها العاطر ونسيمها الساحر وقطرات المطر الخفيفة تتهادى على وجهي وملابسي .. فضج بالتحنان فؤادي ، ثم طلبت من موظف الاستقبال استدعاء سيارة تاكسي ليوصلني لقلعة Gebhardberg التي تعتلي هضبة مرتفعه في اطراف بريغنز Bregenz وسط غابتها الخلابة . وفي الواقع فإن زيارة مثل هذه الأماكن لاتستهويني ولكن لما عرفته عن هذه القلعة انها تقع على مكان مرتفع يمكنني منه رؤية المدينة واقليم Volarberg جعلني اقوم بزيارتها ، استمر قائد التاكسي في مسيرة حتى خرجنا من وسط المدينة متجهين صوب القلعة .. كان السائق يأخذ طريقه صعوداً عبر الشارع الضيق المتوجه للهضبة ، وكم هي بديعة المناظر التي مر بي من خلالها ، غابات متشابكة يمنة ويسرة واشجار باسقة ،، وخطرت لي فجأة قصيدة كتبت في شعب بــوان مغاني الشعب طيباً في المغاني *** بمنزلة الربيع من الزمان
ولكن الفتى العربي فـيهـا *** غريب الوجه واليد واللسان

فما اشبه هذا بذاك وبعد حوالي 10 دقائق توقف التاكسي معتلياً الهضبة الى جوار القلعة وسألني فيما اذا كنت ارغب في ان ينتظرني حيث لايوجد تاكسي في منطقة القلعة التي تعتلي الهضبة في قلب غابة بريغنز Bregenzwald ، واخبرني بأن تسعيرة الانتظار لمدة نصف ساعة 28 يورو ، ولمدة ساعة 52 يورو ، وربع ساعة 16 يورو تقريباً وكانت بالنسبة لي تسعيرة معقوله .. إلا أن تلك الغابة البديعة التي مررنا بجوارها جعلتني افضل ان اجعلها محطة تجوالي الثانية بعد القلعة فشكرته وطلبت منه الإنصراف ..

نزلت من السيارة ووقفت اتامل ذلك المعلم الأثري الذي بقي شاهداً على حضارة بريغنز Bregenz ، قلعة Gebhardberg التي تشرف على المدينة وعلى القرى الأخرى الواقعه خلفها .. صعدت الدرجات القليلة التي تأخذني الى ساحة القلعة .. فوجدت نفسي داخل حديقة بهية ومنسقة ، انتظمت في باحتها مجموعة من اعلام الدول الأوروبية وتشرف على بريغنز والمناطق التي تليها وتسبقها .. تسمرت في مكاني اتأمل شبكة الطرق الواسعه التي كنت ارمقها من مكاني فوق القلعة ، ثم اخذت أتأمل القرى والمناظر الطبيعية الخلابة .. فهذا نهر .. وتلك غابة .. وهناك مجموعة من القرى التي تراها متفرقة في احضان الريف النمساوي الساحر .. بعد ذلك توجهت صعوداً إلى القلعة نفسها لأجد نفسي اطل على الساحة التي خرجت منها .. ما أروع المنظر ! إذ أن الرؤية بدت لي في أوج اتساعها ا ، فأخذت أجول ببصري على الجنة الأرضية التي تشرف عليها القلعة . كل ماتصافحه العين لاشيء سوى بساط أخضر بديع ، فتبارك الخلاق .. ثم توجهت بعدها الى داخل القلعة وكانت تحوي حديقة صغيرة جميلة ، وذهبت اتجول في تلك الحديقة ، ويبدو إنني وصلت مبكراً قبل غيري فلم الحظ الا سائحاً واحداً فقط كان يطل من جلسة خارجية في القلعة تشرف على محيط مدينة بريقنز .. المنظر شاعري .. رومانسي .. بديع .. كم يتمنى معه من يقف هناك أن يكون بيته في ذلك المكان .. نسأل الله من فضله العظيم وان يرزقنا الجنة . وكل شيء زائل إلا وجهه الكريم ، وزارني سلطان الشعر ثانية أن :

الا كل شيء ما خلا الله باطل *** وكل نعيم لا محالة زائل

تجولت بعد ذلك في بعض الغرف والقاعات الموجودة في القلعة لأجد نفسي اطل على إحدى الباحات.. ثم قررت النزول والإستراحة قليلاً وسألت إحدى العاملات عن الفعاليات التي تقام في القلعة فافادتني بأنه قد تم جعل هذه القلعة مزاراً سياحياً ومطعماً في المدينة لإطلالتها البانورامية الرائعه وموقعها الفريد .. وأردفت قائلة نحن كما ترى نقوم بتجهيز الطاولات استعداداً لإعداد الغداء واتمنى ان تكون ضيفاً علينا هذا اليوم ، فشكرتها وسألتها عن اقرب الطرق الموصلة للمدينة فاجابتني : لا اظن انك ستتوه وماعليك الا ان تمشي عبر الطريق الذي اتيت من خلاله الى هنا ، ولاتقلق فاللوحات موزعة في كل مكان على الطريق وفيها جميع الارشادات ... بعد ذلك شكرتها وخرجت ثم أتخذت سبيلي نازلاً العتبات الحجرية التي ارتسمت عليها آثار الزمن .. وخرجت اشق طريقي عبر المسار الرئيسي نزولاً متجهاً الى غابة بريقنز Bregenz والمسماة Bregenzwald ، فوصلت إلى أحد التقاطعات ثم تبينت على مرأى مني اللوحات الإرشادية في كل مكان .. وأنى للمتنزه هناك ان يتوه ! وحتى لو تاه فإن من يسير بين تلك المناظر الخلابة ليتمنى أن يضل الطريق هناك وهو في احضان الطبيعة وسط الاشجار واللحن الخالد الشجي لخرير المياه ونسمات الهواء المنعشة . اسير مستمتعاُ برذاذ المطر المبهج الذي تخلل الأشجار وأبى إلا ان يصل إلى الأرض ليعانق بساطها الأخضر .. واصلت طريقي عبر غابة بريغنز التي اظلت اشجارها الوارفة مرتاديها واصبحت منتزهاً طبيعياً لسكان المدينة والسياح كذلك .، بل إنها أصبحت مكاناً مثالياً لمرتادي المشي والجري على حد سواء الذين حملوا حقائبهم على ظهورهم واخذوا يتبادلون الأحاديث ، وإذا ما مررت بأحدهم في طريقك بادرك محيياً إياك بابتسامة ،، لقد اسهمت طبيعتهم كثيراً في تحسين أمزجتهم ورفعت أرواحهم المعنوية عالياً وكذا مستوى اللياقة البدنية وتناسق الأجسام لديهم . بينما كنت امشي في احضان الغابة توقفت عند إحدى اللوحات الإرشادية عن كل شيء ، من المدينة الى بفاندر و حصن سانت مارتن و المدينة القديمة و القلعة و البحيرة ، و أمام كل وجهة على اللوحة وضعت المدة الزمنية بالدقائق أو الساعات .. وهذا الإهتمام بالمشاة في مدن كهذه كان عاملاً رئيسياً في جعل رياضة المشي متعة بحد ذاتها اكثر من كونها مجرد رياضة ! .. واصلت سيري عبر ذلك الطريق الأعجوبة متعة ورقة وأنساً فبدأ يتجه نزولاً وسط الأشجار الكثيفة والمسطحات الخضراء .. واثناء مسيري تناهى إلى سمعي صوت خرير فالتفت شمالاً وإذا بينبوعٍ اعتلته نافورة صغيرة خشبية نحتت باتقان تتدفق منها المياه الطبيعية فجلست أتأمل المنظر وتمنيت ان ابقى طيلة أيامي في ذلك المكان وحده ! .. وعندما شرع الهتان في التساقط اصبحت أرى نفسي في حكاية من حكايات الأطفال التي تتحدث عن غابة خضراء باسقة . بعد دقائق قضيتها في ذلك المكان واصلت مسيري باتجاه المدينة وكنت ارفع رأسي بين الفينة والأخرى أتامل رؤؤس الأشجار والطيور التي تتهادى بينها .. حتى بدا لي طرف الحصن القديم : حصن سانت مارتن St. Martin وبعض الأبراج التابعه له فعلمت انني اصبحت قريباً جداً من المدينة القديمة ، ثم واصلت سيري حتى خرجت من محيطها عبر الشارع الذي يربطها بمركز مدينة بريغنز واسم الشارع Kirsch Strasse ( شارع الكتدرائية ) وهو علامة فارقة في مدينة بريقنز فهو يخترقها بدءاً بالبحيرة ومروراً بالسنتر الى ماوراء المدينة القديمة .. مررت بجوار مستشفى بريغنز المركزي وقد اعتلت مبنى المستشفى منصة لهبوط الطائرات العمودية ،، وتابعت سيري بالقرب من بعض المباني والمنازل الصغيرة التي تدلت من على أسوارها عناقيد ثمار التوت ... بعد دقائق وجدت نفسي في السنتر و جلست اتبادل الحديث الودي مع شاب تركي التقيت به واقتبست منه المزيد من المعلومات عن المدينة وعن سكانها ، ثم توجهت عبر السنتر الى الفندق .. كان ذلك بداية الصباح بالنسبة لسكان المدينة الذين كان بعضهم متجهاً إلى عمله أو متجره .. وبدت الطرقات وقد ازدحمت بالسيارات ، كلُ يسعى إلى غايته حتى وصلت الى الفندق .. ثم بدأت أخطط ومن كان معي من العائلة للذهاب إلى مكان آخر في هذه المدينة الرائعه ... إذ كان ذلك اليوم لايزال في بدايته والمدينة تزخر بالعديد من مواطن الجمال ،، إن شئنا توجهنا خلال10 دقائق بالقطار الى بلدة لينداو الألمانية المقابلة لمدينتنا هذه ، او تجولنا في إحدى المدن أو القرى السويسرية التي تعانق بحيرة كونستانس .. كم من الفرص الرائعه للسائح في بريغنز ،، فهناك العديد من الخيارات الطبيعية والترفيهية المختلفة ، وغيرها من النشاطات السياحية الأخرى كزيارة المتاحف لمن يهوى ذلك مثل متحف بريغنز الشعبي Volks museum ، أو قضاء أجمل الأوقات في ربوع غابة بريغنز بالإضافة إلى الإستمتاع بمختلف الانشطة البحرية من ركوب القوارب بأنواعها او قضاء الوقت على كورنيش بحيرة كونستانز البهي .. وهناك أيضاً الجولات الجماعية المنظمة التي تتراوح مابين التهادي على مقربة من ضفاف البحيرة والتي تتراوح مابين الجولات على ضفاف بحيرة كونستانز الى زيارة القرى والمدن الأخرى المترامية على جوانب البحيرة العملاقة Constance.. ولعل هذه الأخيرة ( أي الجولة في البحيرة ) اصبحت محط استحسان وإتفاق جميع من كان معي ..

في الصباح الباكر وبعد الخروج من الفندق توجهت مع سائق التاكسي إلى حصن Gebhards berg الذي من خلاله تشاهد إطلالة بانورامية رائعه على القرى المجاورة لبريغنز .. حيث يقع هذا الحصن او القلعة على هضبة في غابة بريغنز الوارفة


بعد الوصول الى القلعة التقطت هذه الصورة للباحة الخارجية والتي تشرف على مدينة بريغنز


صورة لقلعة Gebhard من باحتها الخارجية


نظرة عامة من الباحة الخارجية للقلعة على مدينة بريغنز ، وتبدو في الصورة بحيرة Constance



رؤية على بعض القرى الواقعه خلف مدينة بريغنز الواقعه داخل النمسا قبل بريغنز



منظر للقرى النمساوية الواقعه بجوار بريغنز ويبدو فيها الطريق السريع Bregenzwald Road



مشهد من داخل القلعة القديمة والتي تتألف من دورين ، الإضاءه الخافتة أعطت للمكاناً جواً طبيعياً أكثر !


الباحة الداخلية للقلعة



الحديقة الداخلية للقلعة والمحاطة بسور حجري



احد المنافذ الموجودة في باحة القلعة والتي تؤدي بك إلى خارجها



إطلالة من احد باحات القلعة على غابة بريغنز Bregenzwald



مشهد للقلعة من احد الزوايا وتظهر فيها قبة كنيسة مقامة بداخلها


ما أروع المنظر ! لعل موظفة الاستقبال في الفندق كانت محقة بشأن ثنائها على هذا المكان الجميل حيث الاطلالة الرائعه على بريغنز



مشهد آخر من الجلسات الخارجية العليا للكافيتيريا المقامة في قلعة غيبهارد Gebhards berg




الجلسات الخارجية لكافيتيريا القلعة المطلة على بريغنز .. اعجبني هذا المكان كثيراً !




منظر من داخل الكافيتيريا الداخليه في القلعة




جانب من قاعة الكافيتيريا الرئيسية ويبدو فيهامطبخ المطعم




قاعة للإجتماعات داخل قلعة Gebhard ، اعتقد أن أي اجتماع في هذا المكان سيكون ناجحاً بلا شك ، ومثمراً أيضاً فالجو النفسي مهيأ تماماً !




لقطة من احد الشرفات الداخلية لقاعة الإجتماعات على المناظر الخارجية ..




صورة تجمع بريغنز والبحيرة - وجلسات الكافيتيريا الخارجية والداخلية




سويسرا والنمسا هنا .. حيث نقطة نقطة الالتقاء هي بريغنز !




المسار المنحدر الموصل للقلعة والذي سلكته اثناء التوجه نزولاً الى المدينة عبر غابة بريغنز Bregenzwald



فعلاً .. كما افادت العاملة في القلعة .. لا أعقد أنني أتوه إن شاء الله داخل هذه الغابة المتاهة.. كل الأماكن المهمة موجوده هنا على هذه اللافتة وقد دونت الفترة الزمنية للوصول إلى كل منها
كما ترون ، اللوحة السفلية اليسرى - الوجهة السفلى Bregenz Zentrum وقد كتب امامها 1\2 std أي نصف ساعة مشي فقط ...




نظرة أخيرة على القلعة من الجهة الخلفية بعد مغادرتها وقضاء وقت شيق فيها


وهنا بدأت أسلك طريقي وسط هذه الغابة الوارفة المتشابكة الأغصان باتجاه المدينة


اثناء سيري وسط الغابة بدأ تساقط الهتان الخفيف ثم سمعت صوت خفيف لخرير مياه فالتفت يساري فوجدت هذا المجسم الجمالي عبارة عن نافورة صغيرة نفذت باتقان وبحس جمالي



بعد فترة من المشي وصلت الى اطراف المدينة قادماً من الغابة ، ومررت بهذا المبنى الأنيق ( مستشفى بريغنز ) لاحظ وجود منصة للطيران العمودي أعلى المبنى
قد تكون بيئة صحية لأن يقام فيها هذا المستشفى .. الا ترون ذلك ؟.


وأثناء سيري ومع دخولي المدينة إذا بي اشاهد العديد من عناقيد التوت قد تدلت خارج أسوار المنازل .


لقد وصلت للسنتر .. واعتقد انني بت قريباً جداً من الفندق ، بدأت الحظ الحيوية تسري في شرايين المدينة مع بداية هذا اليوم الجميل فيها


وهنا اقتربت أكثر من الفندق ، ثم التفت إلى الوراء والتقطت هذه الصورة التي تعلن بداية يوم حافل بالحيوية والنشاط في مدينة بريغنز
 
يتبع ......


ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق