كان بالنسبة لها .. يوماً شيقاً .. ملؤه الحركة والنشاط.. لم يكن كسائر الأيام الأخرى.. كانت الصغيرة سعيدة باليوم الذي قضته في نادي الأطفال مع شقيقها ، حيث كانت الحافلة تقلهما كل يوم الى ذلك النادي ثم تعود بهما مع حلول المساء ..
فبعد عناء يوم من الشقاوة واللعب والمرح.. ذهب الأخ مع اخته الصغيرة الى
غرفة نومها.. حين حان موعد النوم
أبت الصغيرة إلا أن يحكي عليها أخيها حكاية قبل النوم .. فامسك الأخ
بدفتر على طرف المنضدة ، وجلس إلى جانب اخته في السرير ..
كانت صفحة الدفتر بيضاء .. فأخذ يرسم بخيالاته حكاية من الحكايات
الشيقة.. أمعنت شقيقته بالدفتر ، وأخذت تطالع الصفحة البيضاء..
ثم بدأ أخوها في سرد حكاية ما قبل النوم..
Gokcedere .. قوكتشيديرا.. قرية من قرى تركيا، يعيش أهلها كأبناء بيت واحد.. قرية هادئة آمنة مطمئنة.. ملؤها الوئام .. وينعم أهلها براحة البال .. تلك هي الحكاية .. حكاية ماقبل النوم..
بدأها الصغير قائلاً.. قرية تربعت خلف الجبال ، والفيافي والأشجار.. أظلتها السماء .. وعانقت نسماتها الضحكات وابتسامات أهل القرية..
إلى هنا ، سنحط الرحال ياشقيقتي .. على طرف هذا الشارع سنغدو يومنا في هذه القرية، نجول هنا وهناك.. ونخالط أهل هذه القرية كيما نعرف أحوالهم ، ونعيش يوماً كما يعيشون.
هذا الشارع الضيق الذي يميل نزولاً هو الرئيسي الذي يخترق قريتنا قوكـتـشـيدرا
تتواجد عليه الأكشاك ومحال التحف والاكسسوارات والكافتيريهات وشيء من محلات البقالة والحلقوم وغيرها
شارع صغير ولكنه يعج بالحياة..
أردف الأخ يكمل لأخته باقي الحكاية
الناس هنا من جميع الأعمار صغاراً وكباراً ، رجالاً ونساءاً .. وجدوا هنا مأواهم الآمن الوارف المطمئن
واخوتنا العرب قد بان تأثيرهم هنا.. فاللافتات التي خطت بلغة الضاد نراها هنا وهناك
ونمر مع هذا الشارع الصغير .. نتأمل المحال الصغيرة التي توزعت ذات اليمين وذات الشمال
ويختلط صوت خرير الماء ببهجة الأطفال وشقشقة العصافير في هذه القرية
لنجلس هنا لبرهة نلتقط الأنفاس .. قال الأخ لأخته..
ةمن هذه الزاوية ، يرمقان الغادي والرائح في لحظة التقاط الأنفاس..
ولايخلو الممر من مرور السيارات
وهنا يلمح الشقيقان محل لحلاوة الحلقوم والعسل وبعض الحلوى الأخرى
وبعدما اخذنا بعضاً من حاجتنا من محل الحلقوم نغدو مع هذا الطريق .. اكشاك ملابس ومطاعم ذات جلسات خارجية مررنا بها
ولمحلات التحف واالكسسوارات نصيب الأسد هنا ، فلا غرابة في هذا فقريتنا سياحية للغاية
والمشاوي التركية مررنا بها عبر هذا الطريق
وهذا محل للحلويات والكستناء الحلوة والملبسة
كلٌ واقف بباب محله ينتظر زبائنه
التفت الأخ الى اخته : اتراك تعبتي ؟
هل تودين أن نأخذ قسطاً من الراحة يا اخيتي؟
بعد أن اخذ الأثنان قسطهم من الراحة إذا بهم يمرون بمحل قد غطت الملصقات التي يبدو انها كتبت بالعربية على واجهته
ملصقات تذكارية لسياح من بلاد العرب قد عمت الحائط بأكمله
وملصقات اخرى .. انها موضوعة على محل ( الحاج سيف ) معلم الفلافل المعروف في القرية
الكثير من ملصقات الاعجاب هنا وهناك
وملصقات اخرى على النافذة كذلك !
هذه صورة الحاج سيف معلم الفلافل المعروف في قوكـتـشـيدرا .. ولكنه ليس معلم فلافل فحسب !
بل فنان وأديب مؤلف ..
قال الأخ لأخته هيا بنا ندخل دكان الحاج سيف
دخل الأخوان الى مكتب الحاج سيف ، كان مكتباً ملحقاً بغرفة صغيرة لتحضير الفلافل.. هاهو الحاج سيف يبدو منهمكاً في شيء..
السلام عليكم حاج سيف ! .. قال الأخوان هذه العبارة بمجرد الدخول لمحل الحاج سيف
فرد عليهما التحية..
مكتب الحاج سيف وقد علقت على الحائط بعضاً من ابداعاته التشكيلية
لوحة من رسم الحاج سيف
ولوحة اخرى
ولوحة ثالثة..
ورابعة..
لم يكن الحاج سيف معلم فلافل فحسب أو فناناً تشكيلياً بل أديب وحكيم كذلك..ثم أخذ يعرض كتاباً له دون فيه حكماً وأقوالاً له في الحياة.. فلم يكن مؤلفاً فحسب بل فيلسوفاً كذلك..
وهذا كتابه الذي الفه يعرضه لنا.
مع السلامة حاج سيف!
ودع الأخوان الحاج سيف بعد أن قضيا معه وقتاً أدبياً وفنياً وتناولا شيئاً من الفلافل التي يشتهر بها
خرج الأخوان من محل الحاج سيف وطفقا يمشيان مع هذا الشارع
ليمرا من محل المشاوي التركية الذي جاءا من عنده منذ قليل
خاطب الأخ اخته ويبدو أنها باتت مستغرقة في سماع بقية الحكاية .. اتريدين أن نجلس هنا في محل القهوة لبعض الوقت؟
ظلت اخته صامته مستغرقة في انسجامها لم تنبس ببنت شفه..
أكمل الأخ بقية القصة لأخته .. أأنت جائعة يا اختاه؟ هذا مطعم طربوش .. هل تودين ان نتناول شيئاً خفيفاً هنا؟!
لم تزل اخته صامته في منتهى الانسجام .. وأكملت المسير معه في جنبات القرية
مر الأثنان بالقرب من أكشاك الفاكهة..
فاكهة طازجة وعسل وبعض من غلات القرية جلبها المزارعون هنا ليبيعوها على قارعة الطريق
وقف الأخ واخته هنا لبرهة ثم تذوقا شيئاً من الفاكهة ..
وحينما وصلا الى التوت والفراولة طلبا طبقا من كل نوع ..
ثم غدا الاثنان يتناولان التوت والفراولة مغادرين اكشاك الفاكهة ، واستمرا في طريقهما..
خرج الاثنان من قرية قوكـتـشـيدرا الى القرية المجاورة لها وهي قرية ( تيرمال )
وإذا بهما يشاهدان عروساً في الطريق
تهلل وجه صغيرتنا ضاحكة وابتهجت حينما رأت نفسها داخل الحكاية تشاهد العروس أمامها !
وصل الأخ وأخته الى قرية ( تيرمال ) المجاورة لقرية قوكـتـشـيدرا .. وتيرمال هي قرية الحمامات الحرارية التي يأتي اليها الناس للاستمتاع بالمياه الحارة وللاستشفاء ، اما قوكـتـشـيدرا فهي المنطقة السكنية لقرية تيرمال
مر الأخوان بالقرب من منطقة الحمامات الحرارية
ثم أكملا سيرهما الى قلب قرية الحمامات الحرارية تيرمال
قالت الأخت لأخيها : لقد جاءني النعاس ! دعنا نعود الى البيت .. فأجابها اخوها : مارأيك أن نستريح هنا في احد المقاهي في هذا المكان الخلاب؟!
استمر الاثنان بالمسير مروراً بهذه القناة المائية الصغيرة
حتى تبدت لهم ساحة ( تيرمال ) ، قرية الينابيع والحمامات الحرارية..
توجها إلى هذا المقهى الشاسع الذي يستظل تحت شجرة كبيرة ، استمد هذا المقهى اسمه من تلكم الشجرة ( مقهى الشجرة )
ساحة المقهى
الممر الذي يقع عليه المقهى في ساحة قرية تيرمال
بعد ارتشاف شيء من القهوةه ، غدا الاثنان يواصلان مسيرهما ويتأملان بعضاً من الأشكال الجمالية في قرية ( تيرمال )
مجسم بديع من الأشجار والأزهار في قرية تيرمال
حتى مرا إلى جوار بركة الماء الصغيرة هذه ، ووقفا هنا يتأملانها قليلاً
يبدو أن النعاس قد بدأ يتسلل إلى جفني شقيقة صاحبنا، فاستلقت على ظهرها وتوسدت قدمه ، ثم طلبت منه ان يستمر في الحكاية..
بعد وقت شيق قضاه الأخوان في تيرمال ، قررا العودة مرة أخرى إلى قريتهما الصغيرة : قوكـتـشـيدرا ..
ولازالت الشمس في كبد السماء تلقي بتحيتها على هذه القرية الأنيسة ، والكل منشغل في عرض بضاعته عبر الأكشاك على جنبات الشارع المار بالقرية
ولازال هناك بعضاً من السياح والسكان كذلك يجولون بالقرية الصغيرة
توقف الأخوان عند باب محل لبيع التحف والأكسسوارات ، شد انتباههما المحل
مجموعة من المصنوعات الخشبية اللطيفة كانت معروضة عند باب المحل
دخل الأثنان إلى المحل فاستقبلهما صاحب المحل..
عرف محمد نور باسمه وكان يعرض على الزبائن كرته
ثم بدأ يشرح للشقيقين بعضاً مما يحويه المحل وبعضاً من التحف اليدوية التي يمتهن صناعتها وبعضاً من الحيل كذلك التي تدخل في صناعة هذه التحف. كان صاحب المحل شيقاً فيما يعرضه للزبائن وكان حرفياً ماهراً ..
آية الكرسي مخطوطة على أحد المجسمات الخشبية التي يقوم هو وصاحبه في المحل بصنعها..
بعد فترة شيقة قضاها الأخوان في دكان الفنان الحرفي، سمعا لغطاً وأصواتاً في الخارج.. فتوجها نحو ذلك المكان حيث يقام حفل صغير للأطفال
المقطعين التاليين لحفل الأطفال في القرية ( يرجى خفض الصوت)
بالرغم من بساطة الحفل وتواضع الإمكانيات فإن رسم السعادة على محيا الطفل ليس بالأمر المكلّف..
وبعد فترة من الوقت قضاها الشقيقان يشاهدان عروض الاحتفال بالاطفال .. دنت شمس ذلك اليوم من الغروب وطفقا يجولان في شوارع القرية..
وهاهي شوارع القرية لازالت تتوقد بالحيوية حتى مع حلول المساء
بعد التجوال لفترة بسيطة قرر الأخوان الدخول لهذا المحل والتبضع قليلاً من بعض الحلقوم..
محل الحلقوم في قرية قوكـتـشـيدرا ..
وهناك أشياء اخرى تباع في المحل كالعسل والكستناء وبعض العطورات
حلوى الكستناء من الحلويات التي يقبل عليها الناس في قوكـتـشـيدرا
بعضاً من معروضات الحلقوم في المحل
وتغيب شمس ذلك اليوم.. والحياة لازالت تتوقد في شوارع القرية
يبدو أن الصغيرة قد غالبها النعاس .. بيد أن أخوها قرر أن يكمل الحكاية قبل أن يدعها تنام..
قرر الأخوان مواصلة الجولة المسائية في القرية
والشوارع لم تخل من البشر وغير البشر..
مطعم طربوش ، من مطاعم القرية كتبت باللغة العربية ، لايزال يستقبل الزبائن..
وهاهو صاحبهم محمد نور ، ذلك الحرفي البارع وفي حضرته بعض من الزبائن الذين استوقفتهم ابداعاته الفنية..
انصرف الزبائن وأخذ صاحب المحل يستغرق متأملاً في دكانه ، انتظاراً لزبائن آخرين..
ودعه الأخوان وانصرفا..
استمر الأخ يكمل القصة لأخته ..ثم شعر بسكون عجيب ..
وجد أخته وقد اسدل على عينيها النعاس ستارة كذلك
فقام بتغطئتها ..
وودعها منصرفاً ..
بعد أن حكى لها حكاية..
مع نهاية اليوم
فقام بتغطئتها ..
وودعها منصرفاً ..
بعد أن حكى لها حكاية..
مع نهاية اليوم
وقبل النوم ..
حكاية اسمها..
قوكـتـشـيدرا Gokcedere
انتهى،،
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق