يدخل غرفته ، ويستلقي على السرير ..
يمسك الكتاب بتثاقل وكأنه يجبر نفسه على قراءته ، يمسح ما أعتلاه من غبار ..ويبدأ في تقليب صفحاته .. ببرود .. ولا عجب ..
أن صاحبنا شخص لايقرأ ..
ولا يحب الكتب ولا المكتبات ..
كان يقضي وقته كل ليلة مع رفاقه في أحد المقاهي ..
ينسون أنفسهم وهم يتبادلون الأحاديث والضحكات والسمر ..
ليعود مع حلول الصباح إلى مخدعه ..
فيمسك بذاك الكتاب ..
ويبدأ في تقليب صفحاته حتى يستسلم لسلطان النوم ..
وهكذا ..
تمر الأيام والليالي بصاحبنا ..
سهر بالليل .. ونوم بالنهار ..
لم يعرف كيف يتناول حياته بالشكل الصحيح ..
لم يكن صاحبنا يعمل .. فقد كان عاطلاً ..
ولم يكن قد دخل في قفص الزوجية ، لأنه بالطبع كان عاطلاً !
ولم يكن لصاحبنا هدف في الحياة ...
سوى أن يقنع نفسه بأنه موجود في هذه الحياة ..
وتمر الأيام ..
والحال على هذا المنوال ..
فيتفرق الأصحاب ..
هذا قد تزوج ..
وهذا قد سافر في بعثة دراسية خارج البلاد ..
وهذا قد حل به أمر جعله طريح الفراش ..
وجد صاحبنا نفسه داخل مساحة فارغة بعد تفرق الجميع ..
يذهب كل مساء إلى ذات المكان الذي أعتاد السهر فيه مع أصحابه ..
يطلب فنجانه من قهوته المفضّلة ..
ثم يندمج في أفكاره وذكرياته مع أحبابه ..
ولكنه لايدوم طويلاً في ذاك المكان كما في الأيام الخوالي ..
يا الله .. يالهذه الدنيا ، فدوام الحال من المحال ..
والحياة فيها إلى زوال ..
يتمتم صاحبنا بأسماء رفاقه ..
يدخل يده في جيبه ..
ويخرج هاتفه المحمول ..
يتصل بأحدهم .. فلايجيب ..
والآخر قد غادر منذ فترة طويلة إلى بلاد بعيدة ..
يطلق تنهيدة حرّى قد اختنق بها جوفه..
ثم يضغط الزر الأحمر .. ويعيد هاتفه المحمول داخل جيبه ..
لم يطل صاحبنا المكث في ذلك المكان ..
فقام بمناداة النادل ، وأعطاه الحساب ..
ثم قام متثاقلاً من مكانه .. واتجه إلى سيارته ..
أدخل يده في جيبه يبحث عن المفتاح الذي ضاع وسط تفكيره العميق.. وسهوه المتواصل ..
ثم فتح باب سيارته ، وأدار المفتاح متوجهاً إلى منزله ..
دخل غرفته ..
واستلقى على سريره
ثم تناول ذات الكتاب ..
وبدأ يقلب في صفحاته .. إلى أن غط في نوم عميق ..
لينسل الكتاب من بين يديه
ويسقط بين أحضانه ..
وليكون ذاك الكتاب ..
...
الرفيق الأخير ..
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق