الخميس، 3 مايو 2012

في العيادة ..


كان الطريق مزدحماً للغاية .. وصاحبنا في عجلة من أمره ..
ومما زاد من تأزم الموقف أن الإشارات المرورية كانت تحمر في وجهه ..
فيتوقف عند كل إشارة مرورية .. يحسب الثواني .. حتى تخضر الإشارة .. فينطلق من إشارة مرورية إلى أخرى ..
يتجاوز هذا .. وينحرف بسرعة عن الآخر ..
يهديء السرعة لوجود حادث اصطدام لمركبتين أمامه
يزدحم الطريق بالسيارات والكل قد أبطأ من سرعته حتى توقف الجميع
بات صاحبنا يرقب ساعته في كل لحظة ..ويعتريه الضيق والضجر من هذا التلبك الذي اعترى أحشاء الطريق في حين غدا المسار الآخر خلياً من الزحام ، والسيارات فيه تسير بسرعة البرق
وماهي الا دقائق ، ويبدأ تسارع المركبات حتى تجاوزت تلك المشكلة التي حلت بالطريق



فيتنهد صاحبنا تنهيدة حرّى
ينطلق بسرعة فائقة لتشمله تحية السيد ( ساهر )  على عجل! 

تنعطف مركبة أمامه خطأً فيضغط على زر التنبيه مطولاً .. فيتجاوزها..
تخضر الإشارة التالية ، فيستبق الجميع في استئناف سيره .. ثم ليتفادى سيارة طائشة من الجهة الأخرى كان صاحبها قد قطع الإشارة المرورية ..

فيصل صاحبنا في نهاية المطاف إلى المستوصف ..
صاحبنا يعاني منذ يومين من وجع رهيب في أحد اسنانه ..
ومما جعل وضعه يزداد صعوبة هنا أنه لم يجد موقفاً قريباً من المستوصف المزدحم على الدوام..

فيضطر لأن يوقف سيارته في الجهة الأخرى من الطريق ..
ثم ليجتازه حتى يصل إلى المستوصف ..
وبالطبع فإن حالة صاحبنا كانت طارئة ... فهو لم يحجز موعداً مسبقاً ..
حتى وصل أخيراً إلى موظف الإستقبال في المستوصف ..


وصل صاحبنا إلى مكتب استقبال المراجعين  : لو سمحت .. اريد طبيب الأسنان..

سأله الموظف : الديك موعد مسبق مع الطبيب ؟
فأجابه صاحبنا : لا .. فأنا أعاني من الم في ضرسي .. أرجو أن تُدخلني على الطبيب بأسرع وقت ممكن ..

قال له الموظف : هناك العديد من المراجعين قبلك .. ولكن سأكتب اسمك ضمن قائمة الإنتظار ..

قام الموظف بفتح ملف لصاحبنا .. ثم أشار إليه أن يجلس في غرفة إنتظار الرجال في المستوصف..

توجه صاحبنا إلى غرفة الإنتظار والتي كانت ملأى بالمراجعين ..
ثم استطاع بصعوبة أن يحشر نفسه داخل أحد المقاعد في غرفة الإنتظار بعد أن أفسح له أحدهم له المجال كي يجلس ..

مرت الدقائق وصاحبنا يخالها ساعات ..

وبعد أن مر من الزمن 45 دقيقة تقريباً حل موعده ، وقامت الممرضة بالنداء عليه كي يتوجه إلى عيادة الطبيب ..

وبعد أن جاء الفرج .. ودخل صاحبنا العيادة وشكا للطبيب وجع ضرسه ، طلب منه الطبيب أن يجلس على كرسي الكشف والعلاج ..

استوى صاحبنا على الكرسي وبدأ الطبيب في تفحص أسنانه ، حتى توصل إلى مكمن الألم ..
( علينا أن ننزع العصب فضرسك بحاجة إلى ذلك ) : هكذا كانت إفادة الطبيب ..

وبالطبع لم يحرك صاحبنا ساكناً ليشير بيديه للطبيب ان يستهل عمله ويخلصه من هذا البلاء المبين ..

وماهي إلا دقائق .. حتى انتهى صاحبنا من مشكلته ،، وغادر العيادة مبسوطاً ..

وحينها شعر بأن الحياة قد ابتسمت له من جديد ..
ومن محاسن الصدف أن الإشارات المرورية كانت تتوالى في الإخضرار لصاحبنا حتى وصل إلى منزله ..
ثم ليتوجه إلى غرفته ويسند رأسه على وسادته لينام حتى اليوم التالي ..
الم الضرس ..
ياله من خطب جسيم ، وعذاب اليم .. منشأوه عصب رفيع للغاية يكاد لا يراه الإنسان .. حينما ينزعه الطبيب من مكانه تستهين بحجمه التافه .. بعد أن أحدث هذا الإنقلاب الفضيع في مزاج ونفسية وراحة صاحبنا ..
ما أضعفك يا ابن آدم   .. فلماذا تكابر وتسعى في الأرض فساداً وكِبراً وغروراً .. وهذا الخيط الرفيع الضعيف قد أوهن قواك وهز كيانك وزعزع أركانك  ليفعل فيك الأعاجيب ، فهاهو العصب الهزيل قد أسدى إليك  دور البطولة للإنسان الضعيف ..  داخل مسرحية .. خشبتها  أرض العيادة ؟!

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق